دراسة تثير الفزع.. شباب أوروبا يميلون نحو الحكم المستبد - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أظهرت دراسة قام بها معهد يوغوف خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين أن تأييد النظام الديمقراطي بين الشباب الأوروبي وصل أدنى مستوياته خصوصا في فرنسا وإسبانيا وبولندا، بل إن 21% ممن شملتهم الدراسة يؤيدون الحكم الاستبدادي في ظل ظروف معينة.

وحظيت الدراسة بتغطية إعلامية واسعة على الصعيد الأوروبي، واعتبرها بعض الخبراء مثيرة للقلق ومنذرة بمستقبل قاتم للنظام الديمقراطي.

وبينما رأى خبراء وباحثون آخرون أنها لا تعني اهتزازا للثقة بالنظام الديمقراطي بقدر ما هي صرخة تعبر عما يعانيه الشباب من مشكلات اقتصادية وإقصاء سياسي، أكدت دراسات وتقارير أن معاناة النظام الديمقراطي لا تقتصر على أوروبا فقط.

مع تراجع ثقة الشباب بها لا يزال 57% فقط من جيل زد يفضلون الديمقراطية (الفرنسية)

نتائج الدراسة

كشفت دراسة معهد يوغوف التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية في الرابع من يوليو/تموز الجاري تحت عنوان "الشباب الأوروبي يفقد ثقته بالديمقراطية" أن نصف الشباب فقط في فرنسا وإسبانيا يعتقدون أن الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم، بينما انخفضت النسبة إلى ما دون النصف بين نظرائهم البولنديين.

وحسب الدراسة التي ركزت على ما يعرف في أوروبا بجيل زد (مواليد أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن 21) فإن 57% فقط من هذا الجيل ما زال يفضل الديمقراطية على أي شكل آخر من أشكال الحكم.

لكن معدلات الدعم في مختلف أوروبا تفاوتت بشكل كبير، حيث وصلت إلى 48% فقط في بولندا، وحوالي 52% فقط في إسبانيا وفرنسا، بينما بلغت أعلى نسبة دعم للديمقراطية 71% في ألمانيا.

وشارك في الدراسة أكثر من 6700 شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و26 عامًا من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا واليونان وبولندا.

وأعرب أكثر من خُمس المشاركين (21%) عن تأييدهم للحكم الاستبدادي في ظل ظروف معينة، بل إن نسبة داعمي الحكم الاستبدادي بلغت في فرنسا وإسبانيا وبولندا 23%، وارتفعت في إيطاليا إلى 24%.

إعلان

ونقلت الغارديان عن عالم السياسة في جامعة برلين الحرة الذي شارك في الدراسة، ثورستن فاس، قوله إن نسبة ​​دعم الديمقراطية تنخفض إلى الثلث لدى الأوروبيين المحسوبين سياسيا على يمين الوسط لشعورهم بالحرمان الاقتصادي.

" title="ا">

قلق على المؤسسات الأوروبية

أعرب 48% من المشاركين في الدراسة عن قلقهم من تعرض النظام الديمقراطي في بلدانهم للخطر، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 61% في ألمانيا، حيث يعاني الاقتصاد الأكبر في أوروبا من الضعف، وحقق اليمين المتطرف تقدمًا ملحوظًا، مدفوعًا جزئيًا بزيادة دعم الناخبين الشباب.

ولا يقتصر القلق بين شباب أوروبا على النظام الديمقراطي، بل إن هناك شكوكا في مستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه، حيث اعتبر أغلب من شملتهم الدراسة أن الاتحاد لم يعد من بين أكبر 3 لاعبين عالميين.

فقد أدت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وصعود الصين، والغزو الروسي لأوكرانيا، إلى تحويل ميزان القوى بعيدًا عن أوروبا في نظر المشاركين، حيث رأى 83% منهم أن الولايات المتحدة في طليعة الثلاثي القوي، تليها الصين بنسبة 75% وروسيا بنسبة 57%.

واعتبر أكثر من نصف المشاركين (53%) أن الاتحاد الأوروبي يُركز بشكل مفرط على التفاصيل والأمور التافهة، معربين عن رغبتهم في أن يُعالج ارتفاع تكلفة المعيشة، ويُعزز الدفاع ضد التهديدات الخارجية.

وكانت نسبة رضا الشباب عن حكوماتهم الوطنية ضئيلة، حيث لم تتجاوز 6% فقط، مؤكدين على الحاجة لحصول تغييرات جوهرية في هذه الحكومات.

الانتخابات الأوروبية خلال العقد الماضي أظهرت أن تصويت الشباب يتجه بشكل متزايد نحو أحزاب اليمين (غيتي)

هل الديمقراطية إلى زوال؟

تعكس التغطية الإعلامية التي حظيت بها دراسة يوغوف حول مواقف الشباب من الديمقراطية أهمية المعطيات التي أفرزتها الدراسة، فقد تساءل عدد من المحللين الأوروبيين عن إمكانية أن تشهد أوروبا ميلاد جيل استبدادي، وهل باتت الأجيال الجديدة تحلم بزمن الرجال الأقوياء وتحن إلى الدكتاتوريات؟

وفي هذا السياق، بثت محطة سفيرجيس الإذاعية السويدية برنامجا حول الدراسة تحت عنوان "المزيد من الشباب يشككون في الديمقراطية.. مقلق للغاية"، ونقلت عن أستاذة الفلسفة النظرية ومؤلفة كتاب "لماذا الديمقراطية؟"، آسا ويكفورس، قولها "عندما يفقد الناس الثقة في الديمقراطية كنظام، فإن هذا قد ينذر بزوال الديمقراطية، وهذا أمر خطير للغاية".

ونشر موقع "كادينا سير" الإسباني مقالا للكاتب أنطونيو مارتين بعنوان "واحد من كل 5 شباب أوروبيين يفضل الاستبداد على الديمقراطية" اعتبر فيه أن الانتخابات التي جرت في مختلف البلدان الأوروبية خلال العقد الماضي أظهرت أن تصويت الشباب يتجه بشكل متزايد نحو أحزاب اليمين.

وأوضح الكاتب مارتين أن المتطرفين الذين تتزعمهم مارين لوبان هم المفضلون لدى الشباب الفرنسي، كما هو الحال بالنسبة لأتباع حزب البديل في ألمانيا، ويتكرر الأمر في بلدان أوروبية أخرى.

ورآى مارتين أن الدراسة تبين تماهيا للشباب الأوروبي مع أفكار اليمين المتطرف، حيث أن حوالي 40% ممن شملتهم الدراسة يعتقدون بوجوب اتخاذ إجراءات أكثر تشددا في ملف الهجرة، بينما كانت هذه النسبة لا تتجاوز حوالي 20% قبل 4 سنوات.

إعلان

" title="جيل">

صرخة للتغيير

اعتبر لورين سميث في مقال على موقع "أوروبا كونسرفاتيف" بعنوان "جيل زد الأوروبي يفقد الثقة في الديمقراطية، ولكن هذا لا يجعله الوجه الجديد للفاشية" أن دراسة يوغوف تعكس قبل كل شيء الغضب إزاء الوضع الراهن: السكن غير الميسور، والوظائف غير المستقرة، وتكاليف المعيشة، وانعدام الأمن الثقافي، والشكوك حول عمل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف سميث أن الدراسة لا تعكس دعوة للانقلاب على الديمقراطية، وإنما هي دعوة لإصلاح النظام حتى يلبي في النهاية توقعات الشباب، ويرى أن بعض المحللين بالغوا واعتبروا أن كون خُمس المشمولين في الدراسة يؤيدون الحكم الاستبدادي في ظل ظروف معينة يعني أن الشباب الأوروبي على وشك حمل السلاح للإطاحة بحكوماتهم.

يقول الكاتب "ليس الحال هكذا، فإذا نظرنا إلى نتائج الدراسة بشكل عام ندرك أن الأمر لا يتعلق بتحول جذري نحو الاستبداد بقدر ما يتعلق باستياء عميق من الوضع الحالي، وأن جيل الشباب يشعر بالقلق بشأن مستقبله اقتصاديا وسياسيا وثقافيا".

وألقى سميث باللائمة في ذلك على الأحزاب اليسارية والليبرالية التقدمية التي هيمنت على الحياة السياسية الأوروبية منذ نشأتها، وخلص إلى أنه لا ينبغي لنتائج دراسة يوغوف أن تسبب الذعر، بل يجب أن تدق ناقوس الخطر، فالشباب يشعر بالغضب ويريدون ديمقراطية تعمل لصالحهم بشكل أفضل.

" title="زد">

التشكيك في الديمقراطية بدأ منذ سنوات

حسب دراسة لأستاذ العلوم السياسية ومدير معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي بباريس، بريس تينتيريه، نشرها موقع "كيرن إنفو" بعنوان "الشباب والديمقراطية والتصويت"، فإن استياء الشباب الأوروبي من الديمقراطية بدأ منذ سنوات، لكن الدراسات تؤكد أيضا أن تراجع الثقة في الديمقراطية في أوروبا لا يقتصر فقط على الشباب.

فحسب استطلاعات أجراها معهد إيبسوس في فرنسا، فقد وصلت نسبة من يعتقدون أن النظام الديمقراطي يمكن الاستغناء عنه وأنه ليس أفضل نظام للحكم إلى 24% في عام 2014، وقد ارتفع هذا الرقم بشكل مطرد منذ ذلك الحين، ليصل إلى 36% عام 2019.

ومع ذلك، تؤكد تلك الاستطلاعات أن هذا التشكيك في الديمقراطية أكثر وضوحا بين الشباب، حيث كانت نسبة المتشككين 29% عام 2014 بين من هم دون سن 35 عاما لتقفز إلى41% عام 2019.

ويرى الباحث أن سبب إيمان الأجيال المتقدمة في العمر أكثر بالديمقراطية مقارنة مع أجيال الشباب أن ثمن الديمقراطية ما زال محفورا في ذاكرة العديد من كبار السن، فأغلبهم ناضل من أجلها بحماس من خلال التظاهرات أو التوقيع على عرائض من أجل توسيع نطاقها، كما أنها بنت إلى حد كبير علاقتهم بالسياسة.

ويوضح الباحث السياسي تينتيريه أنه حتى جيل "إكس"، الذين تتراوح أعمارهم بين 37 و51 عاماً اليوم، ما زالوا يحملون بعض بصمات صراعات وتحولات مهمة شهدها العالم، من ذلك آخر حدث أوروبي كبير مرتبط بمعركة الديمقراطيات ضد الأنظمة الشمولية، وهو سقوط جدار برلين عام 1989.

وفي المقابل فإن البناء السياسي للأجيال اللاحقة: جيل الألفية "واي" (25-37 سنة) وجيل "زد" (24 سنة وأصغر) لا يتضمن مثل تلك التراكمات، مما يجعل هذا الجيل يفتقر إلى الذاكرة السياسية للديمقراطية.

A woman casts her vote in the Thuringia state election, in Bornhagen, Germany, September 1, 2024. REUTERS/Wolfgang Rattay
كبار السن يميلون إلى الإيمان بالديمقراطية أكثر من الأجيال الشابة (رويترز)

تراجع الثقة عالميا في الديمقراطية

في دراسة نشرتها جامعة كامبريدج، اعتبر أستاذ السياسات العامة بالجامعة، الدكتور روبرتو ستيفان فوا أنه "في جميع أنحاء العالم، نشهد فجوة متزايدة الاتساع بين الشباب والأجيال الأكبر سنا حول الديمقراطية، فإيمان الشباب اليوم بالنظام الديمقراطي أقل من أي فئة عمرية أخرى".

وحسب التقرير صادر عن مركز مستقبل الديمقراطية بالجامعة، جمع أكبر قاعدة بيانات عالمية حول الديمقراطية بمشاركة ما يقرب من 5 ملايين شخص في أكثر من 160 دولة، وعلى مدى عدة عقود، فإن الرضا عن الديمقراطية في جميع مناطق العالم تقريبا هو الأكثر انخفاضا بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما.

إعلان

ووجد الباحثون في الجامعة أن الشباب أكثر تفاؤلا بشأن الديمقراطية في ظل القادة الشعبويين، ولعل هذا ما يفسر التنامي المفرط لليمين المتطرف في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.

وحسب الدكتور روبرتو فوا، فإن جيل الألفية هو أول جيل في الذاكرة الحية لديه أغلبية غير راضية عن الديمقراطية، فنسبة 55% ممن هم في الثلاثينيات من العمر يقولون إنهم غير راضين عن الديمقراطية، في حين عبر أقل من نصف جيل إكس عن الموقف نفسها، بينما لا يزال غالبية جيل الستينيات والسبعينيات من العمر راضين عن الديمقراطية.

وفي الديمقراطيات الناشئة في أميركا اللاتينية وأفريقيا وجنوب أوروبا، وجد فريق كامبريدج أن هناك انخفاضا ملحوظا في الرضا عن الديمقراطية بعد 25 عاما من تحول تلك البلدان إلى المسار الديمقراطي.

وخلص روبرتو فوا إلى أن هذه الانتكاسة الديمقراطية مردها فشل الأنظمة الديمقراطية في توزيع عادل للثروات وتحقيق نتائج مهمة للشباب في العقود الأخيرة تتعلق بالوظائف وفرص الحياة بشكل عام.

الفرنسيون يؤيدون بحسب استطلاعات رأي نظام حكم تشاركي بديلا للنظام الديمقراطي التقليدي (الفرنسية)

سناريوهات بديلة

حسب مدير معهد إيبسوس الفرنسي للاستطلاعات، بريس تينتيريه، فقد عرضت على الفرنسيين في استطلاعات سابقة سيناريوهات بديلة للديمقراطية، وتفاوتت حولها نسب التأييد.

السيناريو التكنوقراطي، حيث لا يوجد منتخبون ولا سياسيون، وإنما يقوم الخبراء بتقديم حلول للشعب الفرنسي الذي سيوافق عليها بعد ذلك بالتصويت.

السيناريو التشاركي، ويعطي المواطنين دوراً أكبر في تطوير القوانين والسيطرة عليها، وبالتالي يصبح القادة السياسيون خاضعين لرقابة شديدة.

السيناريو الاستبدادي، حيث يتم انتخاب زعيم يأخذ الدور الأهم في القرارات مع وجود برلمان وهيئات وسيطة ذات صلاحيات محدودة.

وكانت نتيجة الاستطلاعات أن السيناريو التشاركي هو المفضل بنسبة 67%، مقارنة بـ 46% للسيناريو التكنوقراطي و33% للسيناريو الاستبدادي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق