ذكرت وكالة بلومبيرغ أن أداة مكافحة الإكراه تمثل أقوى وسيلة يمتلكها الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية، وتتيح له فرض إجراءات عقابية شاملة تتجاوز نطاق السلع إلى الخدمات والاستثمار، في حال تعرضه لما يعتبره "إكراها اقتصاديا" من قبل دولة ثالثة.
وتشمل تلك الإجراءات المحتملة:
- فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.
- تقييد الاستثمارات الأميركية في أوروبا.
- حظر الشركات الأميركية من التنافس على العقود العمومية داخل الاتحاد.
ورغم أن جوهر الأداة ردعي وليس انتقاميا، بحسب التقرير، فإن طبيعة الإجراءات المنصوص عليها فيها تجعل من التهديد بتفعيلها وسيلة ضغط فعالة، حيث تدفع الشركاء التجاريين المحتملين إلى التراجع عن استخدام التجارة كسلاح دبلوماسي. وهو ما يراه مسؤولو الاتحاد ضروريا في ظل السياسات الأميركية المتصاعدة، التي باتت تربط التجارة بقضايا غير اقتصادية مثل الهجرة والضرائب ومكافحة المخدرات.
فرنسا تتصدر الدعوة للتفعيل.. وبرلين تراقب
وقالت بلومبيرغ إن فرنسا تقود التحرك داخل الاتحاد لحشد الدعم لتفعيل الأداة في حال مضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدما في فرض الرسوم دون التوصل إلى اتفاق بحلول مطلع أغسطس/آب.
وبحسب ما نقلته الوكالة، تحظى هذه الدعوة بدعم متزايد بين الدول الأعضاء، رغم التحذيرات الأميركية بأن أي رد أوروبي سيقابل بإجراءات انتقامية أشد.

وتتطلب عملية التفعيل موافقة الأغلبية المؤهلة داخل المجلس الأوروبي، أي دعم 55% من الدول الأعضاء تمثل ما لا يقل عن 65% من سكان الاتحاد، مما يجعل الموقفين الفرنسي والألماني حاسمين في ترجيح الكفة.
وإذا قررت المفوضية الأوروبية أن الوضع يستدعي استخدام الأداة، فعليها أولا فتح تحقيق لتأكيد وجود إكراه اقتصادي، ثم تقديم توصية رسمية إلى المجلس، الذي يملك 10 أسابيع لاتخاذ القرار.
إعلان
جذور الأداة وسياقها السياسي
وأشارت بلومبيرغ إلى أن المفوضية الأوروبية كانت قد اقترحت الأداة عام 2021، استجابة لما وصفته بـ"سلسلة من الصدمات"، شملت آنذاك الحرب التجارية التي شنها ترامب خلال ولايته الأولى، فضلا عن الحظر التجاري غير الرسمي الذي فرضته الصين على ليتوانيا بسبب علاقاتها مع تايوان. وقد شكّلت هذه الحوادث، وفقا للتقرير، لحظة وعي أوروبي بضرورة التسلح بآليات سيادية لحماية المصالح الإستراتيجية في مواجهة الابتزاز التجاري.
ومنذ ذلك الحين، تبنّى الاتحاد مبدأ "الاستقلال الإستراتيجي المفتوح"، الذي يتيح له التحرك منفردا في الملفات الحساسة، دون التخلي عن التعاون المتعدد الأطراف حين يكون ممكنا.
ماذا يعني الإكراه التجاري؟
وبحسب بلومبيرغ، يُعرّف الاتحاد الإكراه التجاري بأنه استخدام أدوات مثل الرسوم أو الحصص أو تدابير مكافحة الإغراق بهدف فرض كلفة اقتصادية على طرف آخر ضمن نزاع سياسي أو دبلوماسي، دون مبرر في قواعد التجارة الدولية أو وجود اختلال تجاري حقيقي.
وهذا التعريف ينطبق على سلوك ترامب الحالي تجاه أوروبا، كما ترى مصادر أوروبية مطلعة تحدثت للوكالة.

وفي موازاة الأداة، يستعد الاتحاد لحزمة ردود إضافية في حال فشل التفاوض، على رأسها "رسوم إعادة التوازن" التي قد تطال صادرات أميركية بقيمة 72 مليار يورو (نحو 84 مليار دولار)، تشمل طائرات "بوينغ"، السيارات، ومشروبات "البوربون".
وفي ختام تقريرها، قالت بلومبيرغ إن الاتحاد الأوروبي يواجه الآن اختبارا دقيقا لتوازن الردع والحوار، إذ أن أي قرار بتفعيل الأداة قد يفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق بين ضفتي الأطلسي.
إلا أن مؤيدي تفعيل الأداة يرون أن الرسالة واضحة: لن يقف الاتحاد مكتوف الأيدي أمام ما يعتبره "ابتزازا اقتصاديا منهجيا"، وأنه مستعد لاستخدام كامل أدواته السيادية للحفاظ على مصالحه.
0 تعليق