الثلاثاء 22/يوليو/2025 - 01:28 م
أضف للمفضلة
شارك شارك
في مشهد بالغ القسوة والتعقيد، يقف طرفان عربيان على خط النار ذاته، وإن اختلفت تفاصيل المعركة. في قطاع غزة، الموت فعلي ودموي، تدكّه الطائرات ويحصده الحصار. وفي مصر، الدولة بأكملها في سباق محموم مع الوقت – صراع بقاء اقتصادي وسياسي عنوانه: إما النجاة… أو الانهيار.
كلا الطرفين في معركة يومية بين الحياة والموت.
في غزة، الموت ليس احتمالًا… بل واقع. آلاف الأرواح تُزهق تحت القصف، والملايين يصارعون الجوع والمرض والنزوح. الأزمة تجاوزت حدود الإنسانية، وباتت الحياة نفسها أمنية شبه مستحيلة. القطاع المحاصر يعيش كارثة مكتملة الأركان، بينما العالم يكتفي بالتنديد. وهنا تبرز مصر.
لا تُخاض معارك الحياة والموت دائمًا على خطوط الجبهة. أحيانًا تُدار من خلف الكواليس، في غرف السياسة والمفاوضات. هذا هو حال مصر اليوم، وهي تحاول أن تؤدي دورها الإنساني تجاه غزة، في وجه معركة دولية شرسة.
رغم المنع الإسرائيلي المتكرر، والضغوط المتواصلة، تصر الدولة المصرية على تمرير المساعدات إلى القطاع، وعلى فتح معبر رفح بقدر الإمكان، وسط حملات تشويه من جماعات متربصة، وتشكيك ممنهَج بدورها الإقليمي.
لكن الأمر لا يتوقف عند حدود غزة، فمصر نفسها تتعرض لضغوط دولية معقدة، تُستخدم فيها ملفات شائكة كورقة ضغط: كملف سد النهضة، وقروض صندوق النقد الدولي، والمساعدات الدولية، ضمن محاولات ممنهجة للابتزاز السياسي والاقتصادي، والدفع غير المباشر نحو القبول بملف التهجير بكل الطرق، كجزء من أطماع استيطانية توسعية تسعى للتمدُّد على المحاور الأربعة في المنطقة، من سيناء جنوبًا وغربًا، إلى كردستان العراق شرقًا، في محاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ والسيطرة على موارد المنطقة، وفي القلب منها مصادر المياه.
ورغم ذلك، تقف الدولة المصرية حتى الآن بثبات، تقاوم بأساليبها، وتحاول أن توازن بين دورها الإقليمي ومسؤولياتها الداخلية، دون أن تنزلق إلى هوة الفوضى.
في غزة، المعركة واضحة: البقاء على قيد الحياة.
وفي مصر، المعركة أكثر تعقيدًا: البقاء كدولة متماسكة في ظل تحديات داخلية وخارجية.
لكن النتيجة واحدة: كلا الطرفين على الحافة.
في قلب العتمة، لا يزال هناك ضوء… ولو خافت.
فإصرار الفلسطينيين على الصمود، ومحاولات مصر للثبات في وجه الرياح العاتية، كلاهما رسالة: أن "الموت" – بكل أشكاله – لم ينتصر بعد.
ورغم هذا الخناق المحيط بها من كل اتجاه، تثبت الدولة المصرية – مرة بعد مرة – أنها لا تنكسر.
تتماسك تحت الضغوط، وتقاتل على جبهات متعددة، وتخرج من كل اختبار أكثر صلابة.
فمصر، كما عرفها التاريخ، دائمًا ما تنتصر… مهما كانت التحديات.
0 تعليق