على تخوم الجنوب الغربي لليبيا، حيثُ تلتقي حدود البلاد مع الجزائر وتونس، تتخذُ مدينة غدامس التي تبعد عن العاصمة طرابلس 600 كلم، من أطراف الصحراء الكبرى موطنًا.
وبفعل كثبانها الذهبية ومعمارها الأبيض الناصع؛ لُقبت غدامس بلؤلؤة الصحراء الليبية، وتُسمى في اللغة الأمازيغية تغرمّا أو تغرمات، وتعني القرية أو المدينة المحصنة.
وينشط الموسم السياحي في مدينة غدامس التاريخية، المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) منذ عام 1986، بدءً من شهر سبتمبر/أيلول، والذي تبدأ فيه درجات الحرارة بالانخفاض، وهو ما يعد ملائمًا بالنظر للطقس الصحراوي للمدينة.
قروب عاشوري للرحلات السياحية، تحدثَ للجزيرة نت عن آلية تنظيمهِ لرحلاتٍ صحراوية إلى غدامس عبر باقاتٍ متكاملة، تشمل تأشيرات الدخول والنقل والإقامة، كما يقدمُ للزوار دليلاً سياحيًا متمرسًا.

مسار الرحلة
تنطلقُ الرحلة الصحراوية من الساحل الشمالي الغربي لليبيا وتحديدًا من مدينة صبراتة التي تحوي شواهد على الحضارات الفينيقية والرومانية، ومن مدينة صبراتة تتجهُ القافلة السياحية باتجاه الشرق لمسافة تقدر بـ130 كم وتتوقف في لُبدة الكبرى، أعظم المعالم الأثرية الرومانية في أفريقيا، ومدينة الخُمس.
ويستغرق قطع المسافة على الطرق الساحلي الرابط بين المدينتين قرابة الساعتين.

يستمر مسار الرحلة صوب غدامس، إذ تتجهُ الرحلة جنوبًا مرورًا بالعاصمة طرابلس لتصل إلى مدينة غريان الواقعة على ارتفاعٍ يتجاوز الــ700 متر فوق سطح البحر، وتضمً تكوينات جبلية وبيوت محفورة داخل الأرض.
ويُطلق عليها هذه البيوت المحفورة بالبيوت الجوفية أو الدّواميس، وكانت تستخدم قديما للسكن نظرا لقدرتها على حفظ البرودة صيفًا والدفء شتاءً، وتستغرق تلك الرحلة حوالي ساعة ونصف بالسيارة، أي تقريبًا 110 كلم.

مناطق أخرى
بعد مغادرة غريان الواقعة في جبل نفوسة غرب العاصمة والتمتع بالمناظر الجبلية، تنحدر القافلة غربًا في طريق جبلي يمتد لمسافة 220 كيلومترًا تقريبًا، ويمرُ هذا المسار الذي يستغرق حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة بمناطق ومدن عدة، وتتجلى أبرز محطاته في:
إعلان
- منطقة قصر الحاج التي تحوِي قببًا طينية مخصصة لتخزين الحبوب.
- مدينة كاباو المنحوتة في الحجر استخدمت قديمًا لدواعي السكن والحماية.
- مدينة نالوت التي تمتاز بموقعٍ جبلي خلاب يوفر رؤية بانورامية على الصحراء.
غدامس القديمة
ومن نالوت، تتجهُ القافلة صوب مدينة غدامس على امتدادٍ صحراوي على مسافة 330 كم، أي قرابة 6 ساعات من السفر، قد يبدو الطريق طويلاً ومتعبا، لكن فور وصولك إلى غدامس، تتبدل الإيقاعات كليًا، حيثُ الأزقة الضيقة المقوسة والمتشابكة، والبيوت مبنية من الطين والجص والنخيل.
ولكل بيت باحة داخلية وجدرانه مزينة بالنقوش البيضاء والزخارف المصنوعة يدويا، وما أن تخرج من هذه اللوحة الفنية حتى ترى الواحة الخضراء، حيثُ أشجار النخيل وجداول المياه الصغيرة.

التجربة الغدامسية
فور وصول القافلة إلى البوابة الشمالية للمدينة يستقبلهم مرشدٌ سياحي من قروب عاشوري للسياحة والسفر، وخلال الجولة يُفتح أحد البيوت التقليدية لاستقبال الضيوف وتقدم لهم وجبة الكسكسي.

والكسكسي هو طبقُ تقليدي شهير يحضّر من سميد القمح المبخر ويقدم مع مرق يحتوي على اللحم والخضروات مثل القرع والبطاطا وحبوب الحمص، إلى جانب الخبز المدفون في الجمر مع كأسٍ من الشاي المختمر فوق الرماد.
وبعد أن يُكمل السُياح استراحتهم تسير الرحلة صوب الجنوب الغربي للمدينة، وتحديدًا جبل رأس الغول الذي يعد موقعا إسلاميا بارزا ظل شاهدا على إحدى أكثر المعارك ضراوةً أثناء رقعة الفتح الإسلامي في شمال أفريقيا، واستشهد فيها 14 صحابيا.
وبعد هذه الرحلة الممتعة، وعندما تغيب الشمس، تُقدّم خبزة الجمر مجددًا، ويُصبّ الشاي الذي يحتوي على "الكاكاوية" (الفول السوداني) في أكواب صغيرة.

وبعد هذه الاستراحة، تعود القافلة مساءً إلى المدينة القديمة لغدامس، وتختتمُ الأمسية في "قهوة دن برو" بوصفها أحد أركان الحياة الاجتماعية في غدامس.
وفي ختام الأمسية تُقدم وجبة العشاء على وقع الموسيقى والألحان المحلية التراثية.
كيف تزور غدامس؟
يمكنك الوصول إلى لؤلؤة الصحراء الليبية، والتمتع بهذه التجربة الفريدة عن طريق الوصول أولاً إلى مطار معيتقية الدولي، والذي يعد نقطة الانطلاق الرئيس لمعظم الزائرين سواء داخل أو خارج ليبيا، إذ يستقبل المطار الرحلات المباشرة من عدة دول مثل مصر وتونس وتركيا وقريبا المغرب وقطر.

وفي حال عدم وجود رحلة مباشرة لبلدك، يمكنك المجيئ عن طريق الخطوط التونسية أو المصرية ومن ثمّ الدخول لليبيا عن طريق مطار معيتيقة، لأنه الخيار الجوي الأقرب لمدينة غدامس.
وتستغرق الرحلة البرّية من طرابلس إلى غدامس ما بين 7 إلى 9 ساعات، ولكنك لن تشعر بطول المسافة نظرًا لمرورك بمحطات تستحق التوقّف مثل نالوت وغريان وكاباو.
إعلان
تكلفة الرحلة
بالنسبة لتأشيرات الدخول فهي تُصدر عادةً بالتنسيق مع شركة سياحية محلية، والتي توفّر التأشيرة وجميع الترتيبات الإدارية من الإقامة إلى النقل.

وتقول شركة لقروب عاشوري للرحلات السياحية في تصريح للجزيرة نت إن الرحلة كاملة إلى غدامس متضمنةً التأشيرة وتذاكر السفر والإقامة وجميع الجولات السياحية تكلف ما بين 1800 و2300 دولار للفرد، وذلك وفقَ ما يحويه البرنامج التفصيلي ومدة الإقامة.
وتنخفض التكلفة بشكل ملحوظ في حال وجود مجموعات وفق ما ذكرته الشركة نفسها.
0 تعليق