للمرة الأولى، قررت الدنمارك توسيع التجنيد العسكري الإلزامي ليشمل النساء، في خطوة تاريخية تأتي ضمن جهود الدولة الاسكندنافية لتعزيز جاهزيتها الدفاعية في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، وتستعد البلاد لزيادة القوة القتالية لقواتها المسلحة، لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، خاصة في ظل ما تعتبره تهديدًا روسيًا محتملًا.
وبحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الأربعاء، بدأت الدنمارك في تفعيل القرار الجديد يوم الثلاثاء، حيث أصبحت المواطنات في سن الثامنة عشرة مؤهلات للمشاركة في قرعة الخدمة الإلزامية، أسوة بالرجال.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التغيير يأتي نتيجة اتفاق سياسي أُعلن في مارس الماضي، وأقره البرلمان رسميًا في يونيو المنصرم.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الدافع الأساسي لهذا الإجراء لا يرتبط فقط بتحقيق المساواة بين الجنسين، بل يستند بشكل رئيسي إلى "ضرورات عسكرية عملية"، بحسب ما نقله الخبراء العسكريون الذين شددوا على الحاجة إلى مضاعفة حجم القوة القتالية لمواجهة أي تطورات في البيئة الأمنية الأوروبية.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن النساء كن دومًا جزءًا من الجيش الدنماركي كمتطوعات، لكن لم يكن يتم إدراجهن في قرعة الخدمة الإلزامية. ومع تراجع عدد المتطوعين، بات من الضروري إشراك النساء لتلبية الاحتياجات العسكرية، حيث تشكل النساء حاليًا نحو 10% من الجيش.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة تهدف إلى رفع عدد المجندين الجدد سنويًا من 4700 إلى 6500 بحلول 2027، وزيادة مدة الخدمة من 4 أشهر إلى 11 شهرًا بدءًا من فبراير 2026، وهي خطوة يرى البعض أنها قد تقلل من إقبال المتطوعين، مما سيجعل التجنيد الإجباري أكثر أهمية.
وقالت الصحيفة: إن هذا القرار "يضع الدنمارك في مصاف دول مثل السويد والنرويج"، حيث تُفرض الخدمة العسكرية على الرجال والنساء، بينما تسمح دول مثل فنلندا للنساء بالتطوع فقط دون إلزام.
وأضافت "نيويورك تايمز" أن العسكريين الدنماركيين يؤكدون عدم وجود أي قيود على مشاركة النساء في الأدوار القتالية، طالما استوفين المعايير البدنية المطلوبة، ويأتي هذا التحول أيضًا في سياق انتقادات سابقة بخصوص تراجع جاهزية الجيش الدنماركي بعد سنوات من الاعتماد على الحماية الأمريكية، ما دفع كبرى الشخصيات السياسية والعسكرية في كوبنهاغن إلى الدعوة لإعادة بناء الجيش "من الصفر تقريبًا".
مخاوف من اتساع حرب أوكرانيا لتشمل دول أوروبا
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه القرارات جزء من استراتيجية أشمل لتعزيز الإنفاق الدفاعي، وتعويض ما فاتها في العقود الماضية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تبعه من مخاوف بأن تمتد رقعة الصراع إلى دول أوروبية أخرى.
وكانت الدنمارك أعلنت في يناير أنها ستزيد إنفاقها العسكري بشكل كبير، واتخذت نهجًا أكثر تشددًا في مجال الدفاع منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022. ورغم أن الدنمارك لا تشترك في حدود مع روسيا، إلا أن قادتها قلقون من الوجود الروسي في القطب الشمالي وبحر البلطيق، حيث وقعت حالات تخريب في البنية التحتية.
قال الباحث البارز في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية ميكيل رونج أوليسن: "لا أعتقد أن السياسيين الدنماركيين يخشون من وجود دبابات روسية في كوبنهاغن غدًا أو ما شابه، لكن الأمر مرتبط بمخاوف من أن روسيا قد تُشكل مشكلة".
وقال المحلل العسكري في الكلية الملكية الدنماركية للدفاع أندرس باك نيلسن: "هناك قلق أكبر الآن من أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى حرب أكبر في أوروبا - لذا نحتاج إلى هذا عاجلًا وليس آجلًا".
0 تعليق