الخميس 05/يونيو/2025 - 04:41 م
أضف للمفضلة
شارك شارك
دائما ما كانت تشغلني فكرة “إلف النعم” التي نقع جميعا فريستها، باختلاف الدرجات، زحام الحياة والالتزامات تحيد نظرنا عن التمعن بتلك النعم -غير الاعتيادية- ولَمس أهميتها.
أحب كثيرا فكرة أن كل شيء ننتقده يوميًا ونشير إلى سلبياته بشكل دائم، لا يزال له بعض الإيجابيات التي تسهّل علينا الكثير من أمور حياتنا، مثل السوشيال ميديا، أحق الاختراعات بالجملة الشهيرة “سلاح ذو حدين”، فبعيدًا عن أي سلبيات لها ومخاطر، يشفع لها عندي إنها كانت السبب في معرفتي صدفةً بالملهمة “نور العتيبي”، المحاربة الصامدة، والنموذج الحي على أنه لا عوائق أمام حالم.
أصرّيت على التواصل مع نور العتيبي، الكاتبة الأردنية ومحاربة السرطان الصامدة، عن طريق أحد الأصدقاء -شاكرة له-، والتي أعطتني صفعة غير مباشرة، عندما أدركت أن جميع المشكلات التي ندّعي معاناتنا منها دائما، ما هي إلا أشياء يمكن تخطيها في طرفة عين، مقارنةً بما أُبتليت به في طفولتها، وبرغم ذلك لم تتاجر بتلك المعاناة طوال حياتها، مثل ما يفعل الكثيرون المتاجرون بمصائبهم.
أصيبت نور بالسرطان وهي طفلة لا يتعدى عمرها السنوات القليلة، ومن ثم اضطرت لبتر ساقها وتركيب طرف صناعي، لازمها الباقي من حياتها، وأصبح جزءًا من جسمها، ولكن ما استوقفني هو أنها قضت فترة قبل تركيب هذا الطرف الصناعي، بلا ساق ولا طرف، ومن ثم تعايشت مع هذا الوضع الذي أجبرت عليه ولكن استطاعت التغلب عليه، راسمةً خطوط مستقبلها التي اختارت المحاربة من أجله.
عادةً نقابل يوميا قصص لنماذج إنسانية وملهمة، اعتدنا التصفيق للجميع، نتفاعل مع قصصهم ونتعاطف وكل هذا، ولكن في وضع نور، لم أتفاعل بمشاعري بقدر ما وقفت متأملةً كيف نحن صغار بشدة، شكة من دبوس تؤلمنا ونتركها تهزمنا بسهولة شديدة، أصبحنا نستسهل دور الضحية بل ونحبه، نعيش غارقون في نعم الله -سبحانه وتعالى من حولنا- وندّعي أننا شاعرين بقيمتها، ولكن مع أول حفرة صغيرة نقع بها، ننسى تلك التي لا تعد ولا تحصى، ونرفع شعار "لقد هزمتنا ابتلاءاتنا.
سألت نور كيف استطعتي تخطي تلك الأزمة التي لا تنظري إليها كـ ابتلاء حاليا - وهذا ما أستعجبه بشدة-، أجابتني بأنها ليست ملاكًا وبالطبع تأثرت بهذا الأمر كثيرا، ولكنها أدركت أنه طالما اختار الله لها العيش واستكمال الحياة بهذه الظروف، إذن فهي بالتأكيد قادرة على تخطيها، ولكن كيف؟، أكدت على أنها كان لديها العديد من حيَل التعافي والتغلب على الابتلاء، ولكن لخّصت كل هذا في: “كانت الكتابة وكتاباتي ومؤلفاتي الثلاثة جليسي وونيسي في كل زمان ومكان"، فكان طريقها مسدود.. ولكنها استطاعت أن تجعل في آخره “نور”.
0 تعليق