آلاء منصور
قدمت السجائر الإلكترونية مع بدايات انتشارها في عام 2010 وعودا كبيرة، فقد طرحت على أنها بديل صحي للسجائر، ووسيلة للإقلاع عن التدخين.
وتغري السجائر الإلكترونية المدخنين بأنها وسيلة تسهل الانتقال من السجائر التقليدية إلى الإقلاع عن التدخين تماما، ولكن هل يعد تدخين السجائر الإلكترونية أفضل من استخدام منتجات التبغ؟ وهل تسبب السجائر الإلكترونية الإدمان؟
بدأ الباحثون في الوقت الحاضر بإدراك مخاطر السجائر الإلكترونية وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فعلى سبيل المثال حلل فريق من العلماء الرذاذ الصادر عن السجائر الإلكترونية شائعة الاستخدام، ووجدوا فيه مستويات عالية جدا من المعادن الثقيلة، وكما أشارت دراسات أخرى إلى أن التدخين باستخدام السجائر الإلكترونية يمكن أن يؤثر على القلب والرئتين والدماغ.
وأعرب خبراء في الولايات المتحدة عن قلقهم من أن دراسة مدى التأثير والضرر الذي يسببه التدخين باستخدام السجائر الإلكترونية قد تزداد صعوبة في ظل إغلاق حكومة ترامب وحدة تعنى بالتدخين والصحة، كما خفضت الحكومة التمويل المخصص للبرامج التي تساعد الناس وتحثهم على الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية.
ومن ناحية أخرى تعد البيانات المتعلقة بالآثار الصحية طويلة المدى الناجمة عن استخدام السجائر الإلكترونية محدودة، وذلك لأنها حديثة نسبيا وتتطور باستمرار، غير أن معظم مستخدميها مراهقون أو في عمر الـ20، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تظهر آثار أخرى.
تأثيرها على القلب والأوعية الدموية
يقول الدكتور جيمس شتاين، أخصائي القلب والأوعية الدموية في كلية الطب بجامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة: "يخبرك المنطق السليم -كما تخبرك والدتك- أن استنشاق مادة كيميائية شديدة السخونة مباشرة إلى رئتيك لن يكون مفيدا".
وتشير الأبحاث أكثر فأكثر إلى حقيقة وجود أضرار لا يمكن تجاهلها تسببها السجائر الإلكترونية رغم عدم احتوائها على المواد الكيميائية الخطيرة الموجودة في السجائر التقليدية.
تسبب نفحة من السيجارة الإلكترونية ضغطا فوريا على جهاز القلب والأوعية الدموية، حيث يزداد معدل ضربات القلب وتنقبض الأوعية الدموية، مما يقود مع مرور الوقت إلى حدوث تصلب في الشرايين. وقد عقّب الدكتور شتاين على أن استخدام السجائر الإلكترونية مرارا وتكرارا طوال اليوم، يسبب ارتفاعا في ضغط الدم، الذي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بعدم انتظام في ضربات القلب والسكتات الدماغية وحتى قد يتسبب في حدوث نوبة قلبية.
إعلان
وصرح الدكتور عرفان رحمن، الباحث في جامعة روتشستر للطب في الولايات المتحدة والمختص في دراسة منتجات النيكوتين: "عندما تسخّن السوائل في السجائر الإلكترونية إلى درجات حرارة عالية، فإنها تطلق كميات أكبر من المواد الكيميائية الضارة التي قد تتسرب إلى الرئتين، وتدخل مجرى الدم، وتتدفق إلى القلب".
يمكن للمواد السائلة الموجودة في السجائر الإلكترونية أن تطلق عند تسخينها مواد كيميائية مسرطنة معروفة، مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهيد، ويمكن لهذه المواد وغيرها أن تلحق الضرر بالأوعية الدموية، وتسبب الالتهابات.
وأضاف الدكتور شتاين أن إقلاع المدخنين عن السجائر الإلكترونية قد يصاحبه أيضا معاناة من أعراض انسحاب النيكوتين التي قد تزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم.
أثر السجائر الإلكترونية على الفم والرئة
أوضح الدكتور شتاين أن التدخين الإلكتروني يسبب التهابا في الشعب الهوائية والرئتين، وقد يصبح التهابا مزمنا. كما يمكن أن يتفاقم الربو وأعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن، ويؤدي إلى سعال مستمر وضيق في التنفس.
في حين أن ارتباط السجائر الإلكترونية وتسببها بحدوث السرطان ما زال مجهولا، وقد يستغرق تطوره عقودا، فإننا نعلم أنها قد تعرّض المستخدمين لمواد مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
اختبر بريت بولين، الأستاذ المساعد في علم السموم البيئية بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، 3 علامات تجارية شائعة للسجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد، ووجد أنها تطلق مستويات عالية من عناصر ثقيلة مثل النيكل والأنتيمون، التي ترتبط بسرطان الرئة.
ووجد فريق الدكتور بولين أيضا أن السجائر الإلكترونية تطلق كميات كبيرة من الرصاص، الذي يعد سمّا عصبيا.
وأضاف الدكتور شتاين أن المواد الكيميائية المستخدمة في السجائر الإلكترونية المنكّهة، وخاصة تلك التي تستخدم لمرة واحدة، يمكن أن تلحق الضرر أيضا بأغشية الخلايا، مما يزيد من خطر حدوث تلف في الرئتين والإصابة بالسرطان، بالإضافة إلى أمراض أخرى في القلب.
وفي حالات نادرة، يصاب المرضى بندوب في الرئة ومشاكل في التنفس تعرف باسم "رئة الفشار" بعد استنشاق ثنائي الأسيتيل، وهو مركب موجود في بعض السجائر الإلكترونية المنكّهة.
كما هو الحال مع السجائر التقليدية والمنتجات التي تحتوي على النيكوتين، يؤدي استخدام السجائر الإلكترونية من الحد من تدفق الدم إلى اللثة، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والالتهابات، كما يمكن أن يلحق النيكوتين الضرر بأنسجة اللثة.
هل تسبب الإدمان؟
عملت الدكتورة باميلا لينغ، مديرة مركز أبحاث وتعليم مكافحة التبغ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، مع مراهقين ينامون والسجائر الإلكترونية تحت وسائدهم ويباشرون استخدامها فور استيقاظهم.
وأظهرت الأبحاث أن السجائر الإلكترونية تسبب الإدمان، ويمكن أن يشكّل الإدمان مشكلة خاصة للمراهقين الذين لا تزال أدمغتهم في طور النمو.
يوجد هناك بعض برامج الدعم للإقلاع عن التدخين، التي تقدّم أدوية تساعد على الإقلاع عن التدخين، ولكن يمكن أن تكون هذه العملية مرهقة أيضا، حيث يصاحب الانسحاب أعراض مثل الاكتئاب والقلق والانزعاج.
إعلان
وتتفاقم هذه المخاوف مع تزايد انتشار السجائر الإلكترونية المسببة للإدمان، التي تحتوي على مستويات أعلى من النيكوتين، في الأسواق، حيث أصبح من السهل الآن العثور على سجائر إلكترونية تحتوي على 20 ألف نفخة من النيكوتين، وهي كمية تعادل 100 علبة سجائر.
0 تعليق