مروى ناجي… صوتٌ يُشبه الرجع البعيد لصوت مصر - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات وتقلّ فيه البصمات، تظهر مروى ناجي كنجمةٍ لا تُشبه غيرها، كصوتٍ يحمل في طبقاته عبق الزمن الجميل، ويخطّ في أدائه سطورًا جديدة في كتاب الطرب العربي. ليست مجرّد مغنّية، بل حالة فنية أصيلة تجيد العبور بين تراث الكبار وحداثة الحلم.

من دار الأوبرا المصرية انطلقت، مُحمّلةً بإرثٍ ثقيلٍ من احترام الموسيقى وشغف المسرح، لتُطلّ على العالم العربي عبر برنامج “The Voice” بصوتٍ لا يُخطئه القلب. يومها، لم تكن متسابقة فحسب، بل تجلّت كأيقونة طربية قادمة من زمنٍ آخر، تحمل بين حناياها دفء أم كلثوم وقوّة وردة، دون أن تفقد هويّتها المستقلة.

هي ابنة المدرسة الأكاديمية، وصاحبة الحضور المسرحي المذهل. لا تكتفي بالغناء، بل تعيش الأغنية وتؤدّيها كما تؤدّى المشاهد الكبرى على المسرح. وقد كان لها في عالم التمثيل محطّات مشرقة، منها أدوارها في “تفاحة آدم” و”أهو ده اللي صار”، حيث تقاطعت الكلمة مع النغمة، والتعبير مع الإحساس.

اختارت أن لا تُقيَّد بصورةٍ نمطية، فتارةً تُطلّ بأغنيات خاصة تحاكي وجدان العصر، مثل “إنت وبختك” التي مزجت فيها الصوت العذب مع رؤية بصرية مبتكرة بالذكاء الاصطناعي، وتارةً تُعيدنا بحفلاتها إلى زمن أم كلثوم، ولكن بلمستها الفريدة. حتى حين لبست ملامح الكوكب الشرق في عروض “الهولوجرام”، ظلّ صوتها هو السيّد، لا الصورة.

مروى ناجي لا تُقلّد، بل تُجسّد. لا تُغنّي فقط، بل تُحاورك بالنغم. وفي زمنٍ ينشغل البعض بعدد المتابعين، تنشغل هي بصدق الكلمة ووهج الأداء. فصوتها ليس استعراضًا لقوّة، بل دفءٌ يُشبه صوت الأمّهات في الليالي البعيدة.

في كل حفلة تُقيمها، في كل أغنية تُطلقها، في كل مشهد تؤدّيه، تُذكّرنا بأن الفنّ رسالة، وأن الصوت الحقّ لا يشيخ ولا يُقلّد. مروى ناجي، تلك السمراء الطيبة من الإسكندرية، تُغنّي فتنبت الزرع في القلب، وتعلو قباب الذكرى في الذاكرة.

في النهاية،
ليست كل الأصوات أصيلة، وليست كل الأصالة تُغنّى… لكن مروى ناجي تفعل الاثنين، وتمضي، بثوبها الشرقي، وصوتها المذهّب، وكأنها تقول لنا: الطرب لم يمت… فقط، استراح قليلًا حتى سمع صوتي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق