حزب التجمع الذي كسر حاجز الصمت في التمهيد إلى 30 يونيو - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الثلاثاء 01/يوليو/2025 - 10:18 ص 7/1/2025 10:18:49 AM

في السياسة، كما في التاريخ، من يبدأ أولًا هو وحده القادر على تغيير الاتجاه، حزب التجمع يعرف هذه المعلومة جيدا، لذلك كان هو صاحب المبادرة الأولى لثورة 30 يونيو، هكذا تؤكد الوقائع، اختار التجمع الصدام المباشر بعد تولي الإخوان الحكم بشهرين فقط، وجاء هذا الصدام عندما قرر الحزب تنظيم مظاهرة سياسية كانت الأولى من نوعها ضد حكم الإخوان، تحت شعار الدفاع عن مدنية الدولة ورفض "أخونة مؤسسات الدولة" ومع هتاف موحد " يسقط يسقط حكم المرشد"، هذا الهتاف الذي صار فيما بعد أيقونة الجماهير في مصر هو ابتكار تجمعي خالص. 
كسر حاجز الصمت بدأ في أغسطس 2012، في مظاهرة تجمعية نادرة وبالرغم من محاولة أذناب الإخوان تعطيل المظاهرة محدودة العدد المنطلقة من مقر الحزب بميدان طلعت حرب إلى ميدان التحرير إلا أن رسالة المظاهرة كانت قد وصلت إلى كل الدنيا، وصلت على الرغم من أن لم يمتلك في حينها ماكينات إعلامية ولا قواعد جماهيرية ضخمة، ولكنه امتلك شيئًا واحدًا وهو الجرأة في التوقيت الحرج.
نكرر المعلومة لمن يريد المراجعة خلف ما نكتبه، في أغسطس 2012، أي بعد أقل من شهرين فقط على صعود محمد مرسي إلى الحكم، قرر حزب التجمع كسر الصمت الذي كان يخيم على المشهد السياسي.
فبينما كانت معظم القوى السياسية تمارس نوعًا من "الانتظار الحذر"، وكانت بعض الأحزاب تحاول بناء علاقات مرنة مع الرئيس الجديد على أمل الحصول على مساحة داخل السلطة، بينما يحدث هذا المشهد البليد،  كان حزب التجمع في منطقة أخرى،  ربما لم يكن التجمع صاحب الصوت الأعلى، لكنه كان أول من نطق حين صمت الجميع، في قلب هذا المشهد، برز حزب التجمع التقدمي الوحدوي كأول من أطلق شرارة الغضب ضد حكم الإخوان، قبل أن يلتقط الآخرون اللحظة.
وبالرغم أن مشهد 30 يونيو 2013 ظلّ محفورًا في ذاكرة المصريين كثورة شعبية ضخمة أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين، فإن كثيرًا من تفاصيل التمهيد لتلك اللحظة لا تزال غائبة عن الوعي العام، خصوصًا ما يتعلق بدور القوى السياسية.
لم يكن خروج حزب التجمع رمزيا فقط، بل كان فعلًا سياسيًا واعيًا ومدروسًا، تحدّى من خلاله الحزب منطق التهدئة السائد، ورفع الصوت مبكرًا محذرًا مما وصفه بـ"تغول جماعة دينية على دولة مدنية دستورية".
ورغم أن أعداد المشاركين لم تكن كبيرة، فإن رمزية هذه الوقفة كانت لافتة، إذ أنها كسرت حاجز الخوف لدى القوى المدنية، ومهّدت لمرحلة من المواجهة السياسية المفتوحة ضد الجماعة.
هذا لم يكن غريبا على حزب التجمع الذي سبق له التمهيد لثورة يناير وهنا يمكن أن نسأل لماذا التجمع أولًا؟
السبب لا يعود فقط إلى خلفية الحزب الأيديولوجية كتيار يساري يتبنى موقفًا ثابتًا مع الدولة المدنية، بل إلى قراءته العميقة لسلوك جماعة الإخوان بعد توليهم الحكم.
رأى التجمع مبكرًا أن الجماعة لا تنوي إقامة نظام ديمقراطي تشاركي، بل تعمل على تفصيل الدولة على مقاسها، بدءًا من الإعلان الدستوري، ومرورًا بالمحافظين المعينين، وصولًا إلى العبث بالقضاء والإعلام.
وقد عبّر رئيس الحزب سيد عبد العال في أكثر من مناسبة، عن أن قرار الخروج في أغسطس 2012 كان بمثابة إعلان حالة التعبئة ضد مشروع "الأخونة"، وهو المشروع الذي تبين لاحقًا أنه لم يكن مجرد تخوف نظري، بل كان مسارًا عمليًا انتهى بصدام مجتمعي شامل.
ومن مظاهرة أغسطس التي كانت بمثابة رأس السهم إلى التصعيد لتمهيد الطريق إلى 30 يونيو، تقول الوقائع أنه بعد مظاهرة أغسطس، لم يتراجع الحزب عن موقفه بل صار في مقدمة المواجهة.
رفض الحزب بإصرار المشاركة أية فعاليات من شأنها تقديم الإخوان للمجتمع باعتبارهم فصيل وطني لتجميل شرعية مهترئة، وأطلق دعوات متكررة للتحشيد الشعبي، وكان من الممكن ان يكون لحزب التجمع مائة نائب في البرلمان الذي تم تفصيله عقب ثورة يناير، ولكن هذه الحصة او الكوتة الانتخابية كانت مشروطة بأن يجلس القائد الملهم لحزب التجمع الدكتور رفعت السعيد مع مرشد الإخوان للتنسيق وهو ما رفضه رفعت السعيد وقيادات حزب التجمع بالإجماع، التنسيق الذي مات المرشد عليه هو خوض الانتخابات في 2012 بقائمة موحدة تضم التجمع والاخوان وآخرين، ولكن حزب التجمع يعرف جيدا أن موافقته على هذا يعتبر جريمة في حق مستقبل مصر، لذلك قام برفض عرض الإخوان، وقاد مبادرة تأسيس قائمة الكتلة المدنية مع حزبي المصريين الأحرار والديمقراطي الاجتماعي.
والثابت ايضا هو ان كوادر حزب التجمع شاركوا في دعم حركة "تمرد" بكل ما يمكن من جمع التوقيعات، إلى الدعم اللوجستي والإعلامي، حتى أصبحت مقرات الحزب أحد "المخازن الآمنة" التي احتفظت بالحملة بعيدًا عن أعين جماعة الإخوان.
بعد سقوط الإخوان لم يغادر حزب التجمع، بل قرر الإستمرار في المعركة، لم يعتبر الحزب أن مهمة 30 يونيو انتهت برحيل مرسي، بل رأى أنها معركة ممتدة من أجل تثبيت دعائم الدولة المدنية، ولذلك حرص الحزب على التواصل مع قوى دبلوماسية خارجية لتوضيح الصورة، في محاولة لكسر السردية التي سوّق لها الإخوان دوليًا بأن ما حدث في مصر "انقلاب عسكري".
وبحسب تصريحات لقيادات الحزب، فإنهم التقوا بعدد من سفراء أمريكا اللاتينية، وهو ما يمكن اعتباره دورًا مهما في تحسين صورة الثورة شعبيًا في الخارج.
واصل الحزب إصدار البيانات التي تؤكد على رفض العودة لأي شكل من أشكال الحكم الديني، واعتبر ثورة يونيو لحظة "تحرير وطني" لا تقل أهمية عن ثورة 1952.
في الأعياد السنوية للثورة، يصف الحزب ما حدث بأنه "أول إسقاط سلمي لتنظيم ديني مسلح في التاريخ الحديث"، مؤكدًا أن ما تحقق لم يكن ليحدث لولا جرأة البدايات.
إنها دروس من لحظة شجاعة
ما فعله حزب التجمع في أغسطس 2012 قد لا يتصدر كتب التاريخ، لكنه بلا شك كان لحظة فارقة، في وقت كانت فيه معظم القوى إما مرتبكة أو خائفة أو انتهازية، قرر هذا الحزب رغم قلة عدده وضعف تأثيره الجماهيري أن يقول "لا"، وقد أثبتت الأيام أن هذه "اللا" الصغيرة، كانت أول مسمار حقيقي في نعش حكم الإخوان.
في ذكرى ثورة 30 يونيو نقول المجد والخلود لاسم الراحل الكبير المؤرخ المدقق والسياسي المخضرم واليساري النبيل الدكتور رفعت السعيد الذي حمل الراية من الزعيم المؤسس والقائد  الملهم خالد محي الدين، المجد والخلود لاسم سيد عبدالعال رئيس الحزب الذي يحفر الآن في الصخر مع كوادر الحزب من الإسكندرية إلى أسوان حالمين جميعا بوطن حر وشعب سعيد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق