انطلقت قبل أيام الدورة الخامسة والأربعون لـ المعرض العام في قصر الفنون وقاعة الباب بساحة الأوبرا، وتستمر حتى 15 يوليو 2025. ورغم أن المعلومة المتداولة تفيد بأن أول ظهور للمعرض العام كان في عام 1969، إلا أن بحثًا جديدًا يشير إلى جذور أعمق بكثير.
نواة المعرض العام: "الزراعي الصناعي" وبداية فنية مبكرة
يشير الباحث والمؤرخ الفني، الدكتور ياسر منجي، إلى أنه سبق وظهرت معارض عامة عديدة قبل عام 1969. وربما كانت نواة هذه المعارض هي "المعرض الزراعي الصناعي العام".
امتد أثر هذا المعرض ليشمل الإعداد التعليمي للمواهب المصرية الشابة، وإبراز الجهود التربوية النوعية في المدارس التي سعت لتطوير أساليب التربية الفنية ومناهجها.
وأثمر ذلك عن معرض فني حمل تسمية صريحة، لـ "يسبق ظهور المعرض العام للفنون التشكيلية باثنين وثلاثين عامًا". هذا المعرض هو "المعرض العام لسنة 1937"، الذي ضم مجمل النشاط الفني للمدارس المصرية آنذاك.
أدلة تاريخية على المعرض العام لعام 1937
في دراسته "المعرض العام: لماذا؟ وكيف؟ وإلامَ؟"، يضيف منجي أن المصدر الوحيد الذي أشار لهذا المعرض العام المهم هو كتاب "50 سنة من الفن"، والذي أعيد نشره في طبعة معدلة ومزيدة تحت عنوان "80 سنة من الفن".
وقد أورد الكتاب نصًا يوضح تطور نشاط المدارس الفني وأهمية المعرض العام الذي أقيم عام 1937 بأرض الجمعية الزراعية.
كانت معروضات واتجاهات رسوم التلاميذ في هذا المعرض تتجه إلى رسم النماذج طبقًا لقواعد المنظور، وعرضت زخارف وتصميمات مختلفة، بالإضافة إلى بعض الصور التعبيرية.
وقد استمر هذا النمط من المعارض العامة للنشاط التعليمي، الفني والصناعي، إلى ما بعد قيام ثورة يوليو. يشير المصدر نفسه إلى أن "في أعياد الثورة والمعارض التي كانت تتضمن إقامة معارض للنشاط التعليمي والصناعي كانت المناطق ترسل نماذج من الأعمال الممتازة لتلاميذها وتعرض فيها، ومنها المعرض الذي أقيم في السراي الصغرى سنة 1954 بالجمعية الزراعية."
يستكمل منجي، مشيرًا إلى أنه لم يُلتفت كذلك إلى الدور التنظيمي والدعائي للمعرض الزراعي الصناعي العام خلال عهد الملك فاروق الأول، في الإعداد والترويج لإنشاء أحد أهم المتاحف المصرية وأشهرها، وهو "متحف الحضارة المصرية".
فبهدف التمهيد لمشروع تأسيس هذا المتحف وإعداد الأذهان لإدراك قيمته الكبرى، تم استغلال فرصة إقامة معرض الجمعية الزراعية العام لإنشاء نموذج مصغر لفكرة مشروع المتحف وعرضه على الجماهير.
وتولى فؤاد أباظة باشا، رئيس الجمعية الزراعية وقتها، الإشراف على تنفيذ المشروع بالتعاون مع وزارة المعارف، وشُكلت لجنة عامة لدراسة الموضوع ضمت أكبر الإخصائيين في تاريخ مصر وكبار الفنانين. خصصت الجمعية الزراعية طابقًا بأكمله في السراي الكبرى لمعرضها، لإقامة نموذج متحف الحضارة، وألحقت به قاعتين كبيرتين في الطابق الذي يليه.
0 تعليق