تسرب غاز الميثان من أنابيب الغاز مصدر خفي لتلوث الهواء - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشير الدراسات إلى أن تسربات أنابيب الغاز الطبيعي لا تُهدر الطاقة وتُسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب فحسب، بل قد تجعل الهواء أكثر خطورة للتنفس. ويتزايد خطر تلوث الهواء ليس فقط في المجتمعات التي تحدث فيها التسربات، بل يمتد إلى المناطق المجاورة.

يتكون الغاز الطبيعي بشكل أساسي من الميثان، وهو من غازات الدفيئة القوية التي يُعتقد أنها مسؤولة عن 30% من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، ويُسهم الميثان في تحفيز تفاعلات كيميائية في الهواء تُؤدي إلى تكوين ما يعرف بالجسيمات الدقيقة (PM2.5)، تكون أصغر من 2.5 ميكرومتر (1 سم يساوي 10 آلاف ميكرومتر).

وعند إطلاق الميثان في الغلاف الجوي، يتفاعل مع مواد كيميائية أخرى موجودة فيه، مثل أكاسيد النتروجين والمركبات العضوية المتطايرة، وغالبا ما يُحفز ضوء الشمس هذه التفاعلات، لتشكل بدورها نوعا من الجسيمات الدقيقة يُسمى "الهباء الجوي العضوي الثانوي"، والذي يُمثل ما بين 20% و50% من إجمالي كتلة الجسيمات الدقيقة المحيطة.

فحين يتسرب الغاز الطبيعي تُهدر الطاقة، وترتفع حرارة الكوكب، وتنخفض جودة الهواء. قد تكون هذه التسربات هائلة، مثل كارثة أليسو كانيون في كاليفورنيا بالولايات المتحدة عام 2015، والتي أدت إلى انبعاث حوالي 100 ألف طن متري من الميثان إلى الغلاف الجوي.

وأشارت دراسة فحصت بيانات تسربات خطوط الأنابيب الصادرة عن إدارة سلامة خطوط الأنابيب والمواد الخطرة الأميركية من عام 2009 إلى عام 2019، وبيانات حول مستوى الجسيمات الدقيقة في الهواء، إلى ارتفاع في مستوى تلوث الهواء بشكل غير مسبوق جراء التسربات.

وفي السنوات التي شهدت فيها ولاية ما -أو الولايات المجاورة لها- المزيد من حوادث تسرب غاز الميثان، كان متوسط تلوث الهواء السنوي بالجسيمات الدقيقة في تلك الولاية أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات التي شهدت عددا أقل من التسربات.

إعلان

وفي سبتمبر/أيلول 2018، أدى انفجار خط أنابيب وادي ميريماك في ماساتشوستس إلى تسرب ما يقرب من 2800 طن متري من الميثان، وارتفاع حاد في تركيزات تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة في المناطق الواقعة في اتجاه الريح في نيو هامبشاير وفيرمونت خلال 4 أسابيع، مما دفع المتوسط السنوي لتلك المناطق لعام 2018 إلى الارتفاع بمقدار 0.3 ميكروغرام (الميكروغرام يعادل جزءا من المليون من الغرام) لكل متر مكعب.

ومثل ذلك زيادة بنحو 3% عن المعيار الصحي السنوي لوكالة حماية البيئة الأميركية للجسيمات الدقيقة، كما ظهر ارتفاع في تلوث الهواء في نيويورك وكونيتيكت خلال الفترة المتبقية من عام 2018 حتى عام 2019.

Pipes at the landfall facilities of the 'Nord Stream 1' gas pipline in Lubmin
الانفجار في خط أنابيب نورد ستريم عام 2022 ولّد نحو 478 ألف طن من الميثان (رويترز)

تأثيرات خفية

وتشير دراسة في مجلة "ساينس" إلى أن الانفجارات التي تعرض لها خط نورد ستريم في سبتمبر/أيلول 2022 نحو 478 ألف طن من الميثان في الغلاف الجوي، وانتشرت سحابة الميثان لمسافة تزيد على 1500 كيلومتر، ومثّل ذلك أكبر تسرب للميثان سُجّل على الإطلاق.

وتعادل كمية غاز الميثان المتسربة في الانفجار كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الخرسانة الكافية لتشييد حوالي 27 بناء على شاكلة برج خليفة في دبي. كما تعادل كمية الميثان المنبعثة التأثير المناخي القصير المدى الذي تُحدثه أكثر من 8 ملايين سيارة مستخدمة سنويا.

ويعد خط أنابيب نورد ستريم الأكبر في العالم، ويبلغ قطره الداخلي 1153 ملم ويمتد لمسافة 1224 كيلومترا من روسيا إلى ألمانيا.

وتشير التقديرات إلى تسرب ما يصل إلى 70 مليون طن متري من الميثان من الأنابيب في عام 2020، وهو ما يعادل 2.1 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وفي عام 2023 تراوح تقديرات التسربات بين 1% إلى أكثر من 9% من إنتاج الغاز الطبيعي في العالم.

ومع خطورة التسريبات الضخمة جراء الانفجارات، تعد التسربات الصغيرة شائعة وتتراكم أيضا من خطوط أنابيب الغاز عبر العالم وتكون خطورتها غير مرئية غالبا.

وقدرت الدراسة أن التسربات الصغيرة غير الموثقة في الولايات المتحدة وحدها قد يصل مجموعها إلى حوالي 15 ألف طن متري من الميثان سنويا، وهو ما يكفي لرفع مستوى الجسيمات الدقيقة الخلفية بنحو 0.1 ميكروغرام لكل متر مكعب في المناطق الواقعة في اتجاه الريح.

وحتى هذه الزيادات الطفيفة يمكن أن تُسهم في مخاطر صحية كثيرة، إذ يرتبط كل ارتفاع قدره ميكروغرام واحد لكل متر مكعب بارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.

وتشير الدراسة إلى أن الطريقة الأكثر مباشرة للحد من هذه المشكلة هي تقليل عدد وكمية تسربات الميثان من خطوط الأنابيب. وقد يشمل ذلك بناءها بطرق أكثر جودة، واستعمال مواد نوعية بحيث تكون أقل عرضة للتسرب.

كما يمكن أن تُحفز اللوائح والقوانين الشركات للاستثمار في تقنيات للكشف السريع عن تسربات الميثان، بالإضافة إلى تشجيع الاستجابة السريعة عند اكتشاف أي تسرب، حتى لو بدا صغيرا نسبيا في البداية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق