الباب الأخير لـ«حزب الله» - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ووسط زحام الملفات المشتعلة فى الشرق الأوسط.. يقف «حزب الله» معزولًا، ومحاطًا بحقول ألغام سياسية واستراتيجية، حيث أصبحت مكانته على المحك، وأيديولوجيته التى بناها على أساس مقاومة إسرائيل أصبح استمرارها مشكوكًا فيه.

مسألة تسليم سلاحه وصلت إلى طريق مسدود؛ فالحكومة اللبنانية، بمن فى ذلك الرئيس جوزيف عون، وصلت إلى استنتاج فحواه أنها غير قادرة على أن تفرض على الميليشيا الشيعية تسليم ترسانة سلاحها إلى الدولة كما تم الاتفاق فى اتفاقية وقف إطلاق النار المستندة إلى قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، بل إن أى محاولة لإجبار الحزب على تسليم سلاحه قد تؤدى إلى مواجهة مفتوحة قد تشعل حربًا أهلية جديدة.

لا أحد فى الحكومة اللبنانية لديه فكرة واضحة عما يجب فعله مع «حزب الله»، فإذا تم دمجه مع وحدات الجيش اللبنانى، كما جرى مع ميليشيات أخرى بعد اتفاق الطائف سنة ١٩٩٠، فهناك مخاوف فى الولايات المتحدة وإسرائيل من أن يؤدى ذلك إلى استيلاء «حزب الله» على الجيش وتغيير طبيعته، فيما لا يزال الجيش اللبنانى يعتمد ماليًا على الولايات المتحدة وقطر، ولا توجد نية للسماح لمقاتلى «حزب الله»، الذين يتقاضون رواتبهم من إيران، بالحصول على رواتب أمريكية.

الباب ليس مغلقًا تمامًا كما يبدو، فقد أعلن «حزب الله» عن استعداده للنظر فى مسألة تسليم سلاحه، لكن فقط فى إطار اتفاق مع الحكومة يتضمن «استراتيجيات دفاع مشتركة»، وإلّا فإن نزع السلاح سيكون بمثابة استسلام لإسرائيل.

فى لبنان، هناك فريق يضم شخصيات من المنظومة السياسية اللبنانية يدعو «حزب الله» إلى الاعتراف بتفوق إسرائيل، وعدم القدرة على مواجهتها، وبالتالى التخلى عن النضال المسلح، والانخراط فى الحياة السياسية بدلًا منه. وفى المقابل، هناك فريق آخر بـ«محور المقاومة»، بقيادة «حزب الله»، يرفض أى تسوية مع إسرائيل، ويدفع «حزب الله» ألا يخفض رأسه، ويرى اختيار طريق التطبيع والاستسلام لإسرائيل بمثابة تهرب الحزب من «مسئوليته التاريخية» فى مقاومة إسرائيل.

الحزب يناور، ويماطل، فطالب بانسحاب إسرائيلى مسبق من خمسة مواقع استراتيجية فى جنوب لبنان قبل مناقشة أى مسألة تتعلق بنزع السلاح، حيث يرى الحزب أن الاحتفاظ بسلاحه ضرورى طالما هناك احتلال لأراضٍ لبنانية، بينما تريد إسرائيل نزع سلاح الحزب قبل أى انسحاب، وهكذا يمكننا أن ندور فى تلك الدائرة لفترة أخرى من الوقت.

وللتسهيل، تتحدث واشنطن عن تغييرين عميقين فى سياستها حيال «حزب الله»، الأول هو التمييز بين الذراع السياسية والذراع العسكرية لحزب الله، بينما حتى وقت قريب كانت واشنطن تعتبر كلا الذراعين جزءًا من منظمة «إرهابية» واحدة، والتغيير الثانى هو أنه يمكن أن يُسمح لـ«حزب الله» الاحتفاظ بأنواع معينة من الأسلحة. 

وراء الكواليس، «حزب الله» يُجرى نقاشات داخلية بشأن إمكانية تغيير دوره، أى التحول أكثر نحو العمل السياسى وتقليص دوره العسكرى. وهذا يعنى التخلى عن بعض أسلحته الثقيلة «خصوصًا الطائرات المسيّرة والصواريخ البعيدة المدى»، مع المحافظة على قدراته الأساسية للردع، كالسلاح الخفيف وصواريخ الكورنيت المضادة للدروع، وهى مقاربة ربما توفر لكل من «حزب الله» والحكومة اللبنانية مخرجًا مشرّفًا بدلًا من الطريق المسدود الحالى.

يدرك «حزب الله» جيدًا التغييرات فى الشرق الأوسط، ولطالما كان يتصرف بذكاء ومرونة مكنته من التكيف مع التغييرات الإقليمية، ما يعنى أنه سيتبع ذات النهج، وسيحاول كسب الوقت داخليًا فى الساحة اللبنانية وأمام الأمريكيين، وسيُظهر استعدادًا مبدئيًا للتغيير، لكن دون التخلى الكامل عن سلاحه، وسيكون هدفه تحقيق نصر صغير كانسحاب إسرائيلى من جنوب لبنان، ووقف الغارات، وضمانات دولية للمحافظة على السيادة اللبنانية، حتى يسوّق لخروجه بأنه صفقة مربحة للطرفين وليس استسلامًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق