غويانا تراهن على التنوع البيولوجي وتحتضن قمة تحالفه العالمي - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

افتتحت الأربعاء في جورج تاون عاصمة جمهورية غويانا التعاونية قمة التحالف العالمي للتنوع البيولوجي، حيث يحضر القمة علماء بارزون وقادة عالميون وممثلون من المجتمع الأصلي يومين لوضع خارطة طريق للمضي قدما من أجل حفظ التنوع البيولوجي في جميع أنحاء العالم.

وفي كلمته بافتتاح القمة، حذر الرئيس محمد عرفان علي من أن التنوع البيولوجي في العالم في أزمة، وأكد ضرورة تعزيز الالتزام الدولي بحماية التنوع البيولوجي في العالم.

وقال الرئيس علي إن القمة تُعقد في وقتٍ مُلِح، مشددا على أن التنوع البيولوجي في جميع أنحاء العالم يتعرض لخطر الانقراض. إذ يفقد في كل عام، ما يُقدر بـ 10 ملايين هكتار من الغابات. ويواجه مليون نوع خطر الانقراض. وتتلاشى الأراضي الرطبة أسرع بـ 3 مرات من الغابات.

وأضاف أن "العالم يقترب من نقاط تحول لا رجعة فيها في النظم البيئية الرئيسية، من الشعاب المرجانية إلى السافانا والغابات المطيرة، وهذه التغيرات ليست بعيدة أو مجردة، بل هي حقيقية وفورية ومدمرة، وتأثير كل ذلك على العالم خطير".

وشدد الرئيس علي على أنه مع كل تلك المخاطر التي يتم رصدها "يستمر الدمار، ليس بسبب الجهل، بل بسبب التجاهل. ففي كثير من الأحيان، تُتجاهل القيمة الحقيقية للتنوع البيولوجي في الحسابات الوطنية، وتغيب عن البيانات المالية، وتغفل في مجالس الإدارة والميزانيات".

وبحسب حكومة غويانا، فإن هذا المؤتمر الذي يستمر حتى الجمعة، يمثل حدثا إستراتيجيا، ويُنظر إليه على أنه فرصة للدول لتوحيد جهودها وتعزيز الحركة العالمية لحماية التنوع البيولوجي للكوكب.

كما تسعى غويانا إلى أن تكون دولة مؤسسة للتحالف العالمي للتنوع البيولوجي، وتضع نفسها نموذجا لجهود الاستدامة العالمية باحتضانها القمة وعبر سياساتها في مجال البيئة والمناخ.

ومن أهداف القمة، إضفاء الطابع الرسمي على التحالف العالمي للتنوع البيولوجي، وإطلاق آليات مالية مبتكرة مثل ائتمانات التنوع البيولوجي، والسندات الخضراء، ومقايضات الديون بالطبيعة، وتعزيز هدف 30×30، أي الحفاظ على ما لا يقل عن 30% من أراضي ومحيطات الكوكب بحلول عام 2030.

إعلان

وأشار الرئيس علي في هذا السياق إلى أنه لا يمكن مواجهة التحديات بمعزل عن بعضها بعضا، وشدد على ضرورة قيام البلدان والمؤسسات ببناء شراكات قوية ومرنة ومستدامة، وإطلاق العنان للتمويل المبتكر، بما في ذلك ائتمانات التنوع البيولوجي والسندات الخضراء ومقايضات الديون بالطبيعة.

الرئيس محمد عرفان علي يشدد على ضرورة بناء شراكات قوية ومستدامة للحفاظ على التنوع البيولوجي (الجزيرة)

أرض التنوع والمياه الكثيرة
وتعتبر غويانا، التي تبلغ مساحتها نحو 215 ألف كيلومتر مربع، وتضم 835 ألف نسمة متعددي الأعراق والديانات، موقعا إستراتيجيا للقمة. وتتميز هذه الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية بمستويات مدهشة من التنوع البيولوجي، وتغطي الغابات نحو 85% من مساحة أراضيها، ويُقدر عدد أنواع النباتات فيها بنحو 8 آلاف نوع، نصفها يُعتبر متوطنا.

وتشتهر البلاد بالغابات المطيرة، التي تضم الشلالات، والجبال، والسافانا. كما يوجد بها بعض أطول الأنهار وأعلى الشلالات في العالم، وأشهرها شلالات "كايتور" التي تتدفق منها نحو 660 مترا مكعبا من المياه كل ثانية على منحدر يبلغ ارتفاعه 226 مترا، ما يجعلها واحدة من أقوى وأكبر الشلالات أحادية القطر في العالم.

كما تقع غابة "إيووكراما" الشهيرة في قلب غويانا، وتحتوي على مجموعة مذهلة من مفردات التنوع البيولوجي، بما في ذلك أكثر من 1500 نوع من النباتات، و200 نوع من الثدييات، و500 نوع من الطيور، و420 نوعا من الأسماك، و150 نوعا من الزواحف والبرمائيات.

وتعرف غويانا باسم "أرض المياه الكثيرة"، في إشارة إلى شبكة من الممرات المائية والخلجان والأنهار التي تغطي معظم أنحاء البلاد، بما فيها نهر "إسيكويبو"، أحد أكبر الأنهار في أميركا الجنوبية، إلى جانب أكبر الغابات المطيرة الاستوائية البكر في أميركا الجنوبية.

وتعد غويانا، التي تحدها فنزويلا من الغرب والبرازيل من الجنوب، وسورينام من الشرق، وتطل على المحيط الأطلسي من الشمال هبة الطبيعة البكر، ولذلك أطلقت في عام 2009 إستراتيجيتها الرائدة للتنمية منخفضة الكربون، والتي رآها الخبراء إعادة نظر جذرية في كيفية تعامل دولة نامية مع النمو الاقتصادي.

وتُخزّن الغابات المطيرة، التي تُغطي نحو ثلثي أراضي البلاد، نحو 19.5 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ويرى الخبراء أنه بدلا من اعتبار هذه الغابات عقبات أمام التنمية، أدركت غويانا أنها ثروات حيوية ومهمة في مكافحة تغير المناخ عالميا.

وفي عام 2015، وضعت اكتشافات النفط الهائلة من شركة إكسون موبيل الأميركية غوياتا أمام نقطة تحول حاسمة، فالمخزون النفطي الذي يقدر بنحو 11 مليار برميل يعد كفيلا بتغيير النمط الاقتصادي للبلاد جذريا، لكن الدولة اختارت تحديث وتعزيز إستراتيجيتها منخفضة الكربون، ووضعت إستراتيجية التنمية المستدامة لعام 2030.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس محمد عرفان علي في افتتاح القمة أن غويانا "تواصل ريادتها في تنفيذ إستراتيجية التنمية المنخفضة الكربون 2030 المنقحة والموسعة والتي تبني على النجاحات السابقة لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ والحفاظ على الغابات والاقتصاد المتنوع المنخفض الكربون لجميع الغوانيين".

وتُوفّر النظم البيئية في غويانا -حسب الرئيس علي- أكثر من 15.2 مليار دولار سنويا من خدماتها، وتأتي 96% من هذه القيمة من خدمات غير سوقية.

إعلان

وتُدرّ غابات البلاد إيرادات من خلال الغابات المستدامة وائتمانات الكربون. ففي عام 2022، باتت غويانا أول دولة تحصل على اعتماد من القطاع الخاص لائتمانات الكربون القضائية القائمة على الحفاظ على الغابات، مما أدى إلى إبرام اتفاقية بقيمة 750 مليون دولار مع شركة هيس الأميركية للطاقة.

وتتضمن هذه الصفقة بيع 37.5 مليون رصيد كربون (نحو 30% من إجمالي إصدار غويانا للائتمان) بين عامي 2022 و2032، مع زيادة الحد الأدنى للأسعار من 15 دولارًا إلى 25 دولارا للطن، وحصة 60% من الإيرادات لغايانا إذا تجاوزت أسعار السوق هذه الحدود الدنيا.

جانب من استعراض قبيل افتتاح قمة تحالف التنوع البيولوجي (الجزيرة)

رهان التنوع
وكان الرئيس محمد عرفان قد أعلن، في سياق تجذر دولة غويانا في التنوع الاجتماعي والبيولوجي، عن إطلاق التحالف العالمي للتنوع البيولوجي، خلال أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2024.

ويتمثل الهدف الأساسي للتحالف في تنسيق إجراءات الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لتحقيق أهداف الحفاظ على التنوع البيولوجي على مختلف المستويات.

وحصلت المبادرة على الدعم الكامل من قادة مجموعة الكاريبي كجزء من الجهود المكثفة التي تبذلها المنطقة لمعالجة أزمة المناخ المتفاقمة خلال الاجتماع الـ49 العادي لمؤتمر رؤساء حكومات منطقة الكاريبي، الذي عقد في "مونتيغو باي" في دولة جامايكا بداية يوليو/تموز الجاري.

وينتظر أن تشمل النتائج المتوقعة للقمة إعلانا مشتركا، يؤكد الالتزامات بحماية التنوع البيولوجي، واتفاقيات مالية تضمن الموارد لجهود الحفظ، وخطة عمل لعام 2025، والتي تحدد خارطة طريق مدتها 5 سنوات بأهداف قابلة للقياس.

كما ستحدد القمة أيضا مبادرات تجريبية في البلدان الرئيسية، مع التركيز على جهود الحفظ القائمة على البيانات من خلال منتج التنوع البيولوجي العالمي ومؤشر التنوع البيولوجي، واتخاذ خطوة حاسمة نحو حركة دولية موحدة للحفاظ على التنوع البيولوجي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق