عصي الدمع! - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
«الدموع» مادة سائلة يفرزها الجسم للحفاظ على رطوبة العين وحمايتها من التهيج، وسيلانها على الخدين تختلف ظروفها باختلاف الطبيعة والموقف، إذ تذرف فرحاً، أو حزناً عند توديع مسافر، وعند مفارقة حبيب، ووداع رفيق، وتذرف أيضاً عند استقبال الوليد، وعند الفرح بقدوم الحفيد، أو حتى عند الحصول على ترقية، أو مناسبة مبهجة!

وتذرف الدموع مدراراً عند الاشتياق للقاء غائب، وعند الوصول لحلم طال انتظاره، وتحقيق إنجازه، وانقشع وجعه، فيستكين الإنسان إلى زاوية يطلق لنفسه العنان فتسيل أدمعه.

الدموع هي التعبير الطبيعي عن الألم، وعندما تتكاثر هموم الحياة ومشكلاتها على الإنسان ويقف عاجزاً أمامها لا يملك خياراً غير دموعه ليغسل قلبه من كل ما يؤلمه.

فالدموع وبحسب المختصين، تسكن الروح، وتطفئ لهيب القلب، وتصبّر النفس، وتقف أمام قسوة الحياة، فبعض مواقفها وأحداثها تجعل النفس تبكي ولا تتوقف حتى عندما يشرق الأمل في سماء الروح والقلب.

هذه النعمة، «ذرف الدموع» البعض محروم منها.. لا يبكي لا حزنا ولا فرحاً، رغم أن للبكاء فوائده، إذ يخلص النفس من التوتر والضغوطات ويحسن المزاج، ويسهم في إفراز هرمونات السعادة، ويعزز الهدوء النفسي، وينظف العين من المهيجات والبكتيريا، والأهم من كل ذلك يساهم في تنظيم العواطف النفسية، ويحكي عن خسارتنا ونجاحنا وآلام قلوبنا.

تغزل الشعراء بالدموع حتى أن الجواهري قال:

لا تبخسوا قدر الدموع فإنها

دفع الهموم تفيض من ينبوع

للنَّفس حالاتٌ يَلَذُّ لها الأسى

وترى البكاءَ كواجِبٍ مشروع

فيما قال الشاعر بهاء الدين زهير:

إذا ما جرى من جفن غيري أدمع

جرت من جفوني أبحر وسيول

ويرى المتنبي أن الدموع تفضح ما بداخل الإنسان من مشاعر وأحاسيس، فيقول:

وكاتم الحب يوم البين منتهك

وصاحب الدمع لا تخفى سرائره

لكن أبا فراس الحمداني كان أكثر الشعراء تأثراً بالدمع في شعره، فهو يرى الدموع راحة للنفس:

يا خليليّ خلياني ودمعي

إن في الدمع راحة المكروب

لكنه أنكر ذلك في قصيدة أخرى:

بكيت فلما لم أرَ الدمع نافعي

رجعت إلى صبر أمرّ من الصبر

وفي موقف ثالث أصر الحمداني أن يثبت أن الدموع عصية على النزول، فقال قصيدته المشهورة التي تغنت بها أم كلثوم وذاع صيتها:

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر

أما للهوى نهي عليك ولا أمر

فيما حذر أبو العلاء المعري من جفاف الدمع وقال:

ولقد لمت أن جمدت أدمعي

وما لمت جفني لما ذرف

احمي عيونك من البخور ودخان الشيشةأبحرت «عكاظ» في عيون المختصين والأطباء لتتعرف على حقيقة قاسي القلب وجاف العين، فيرى استشاري طب وجراحة العيون- تخصص أمراض وجراحات القرنية وتصحيح الإبصار الدكتور محمد عبدالواسع قوقندي، أن أسباب قسوة القلب والعين لدى البعض أنهم يعانون من مشاكل في إفرازات الغدة الدمعية التي تكون ضعيفة أو غير موجودة أصلاً رغم أهميتها للعين حتى تعمل بشكل صحيح «فالعين مثل الماكينة لا بد أن تترطب لتعمل دون احتكاك، عندها تكون الرؤية واضحة دون عيوب، لذلك دائماً ننصح بالمحافظة على نظافة العين وعدم تعريضها لأي شوائب أو البقاء في مواقع قد تؤثر على سلامتها وتضعف من قدرة الغدد الدمعية على الإنتاج، وفي حال الإصابة يتم علاج الأسباب وأحياناً بالأدوية المساعدة لعمل الغدد الدمعية ومنها قطرات صناعية».

ويحذّر دكتور العيون قوقندي، من تعرض العين للبخور ونفث السجائر والشيشة لأنها مواد مهيجة للعين ومضرة للصحة ومسببة لزيادة جفاف العين. ويشير إلى الحذر من إصابات العين أو بعض الضربات حتى لا تفقد حاسة الدموع خصوصاً إذا كانت الإصابة في الغدد الدمعية ومجاريها.

ويرى شكوى البعض من سيلان عينيه بالدمع دون موقف أنها من علامات جفاف العين، فالعين تكون متهيجة وتحتاج إلى دمع طبيعي لكنها غير قادرة فتنهمر، وهذا شعور غير طبيعي، ففي بعض الحالات يكون إفراز الدمع طبيعياً، لكن مجرى تصريف الدمع يكون ضيقاً أو مقفلاً فيتسبب في سيلان الدموع.

استشاري طب وجراحة العيون الدكتور قوقندي، يؤكد لـ«عكاظ»، أن جفاف العين لدى الجنسين متقارب طالما كانوا في بيئة معيشية متساوية، وفي ظروف بيئة واحدة، وإن كانت النساء أكثر قليلاً بسبب استعمالهن أدوات التجميل بشكل مفرط.

أطلق دموعك.. حتى لا تفقد بصرك!

أخصائي البصريات صلاح أمين محمد قال لـ«عكاظ»: إن الله خلق دمع الإنسان وذكره في القرآن الكريم،

(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع)، فالدموع هي مركبات كيميائية تختلف باختلاف أسبابها وأنواعها، تفرزها باستمرار القنوات الدمعية، وفي كل مرة ترمش العين لتساعدها على البقاء رطبة وتحميها من التلف، وفي الوقت نفسه هي مسؤولة عن تغذيتها وهي غنية بمضادات للبكتيريا لحماية العين من الفايروسات والبكتيريا، وعند تعرضها للمهيجات أو لأجسام غريبة أو الدخول في أي حالة نفسية، تحاول التخلص منها بالتدفق، ولها وظائف أساسية لحماية البصر، فتعرض العين للجفاف يؤدي إلى ضعف الرؤية، لذلك دائماً ينصح الأطباء بتجنيب العين أي مهيجات وغسلها حال تعرضها لأي أتربة.

ويشير أخصائي البصريات صلاح إلى ان الدموع العاطفية تعمل على منع جفاف العين، فالبكاء في حال الحزن يعد طريقة لموازنة المشاعر القوية، فيما يتسبب من يحاول إمساك نفسه وعدم السماح لدمعه بالجريان في ضرر عينه، وهناك الكثير ممن فقد بصره نتيجة إمساك نفسه فأصيبت قرنية العين.

المواليد لا يدمعون

!يضيف أخصائي البصريات صلاح، أن من أسباب عدم سيلان دموع أطفال حديثي الولادة عدم تطور وتشكل الغدد الدمعية لديهم إلا بعد مضي شهر من الولادة، وبكاء الإنسان في نومه هو حقيقة وشائع بين الأطفال نتيجة الكوابيس في منامهم وخوفهم أثناء الليل وشعورهم ببعض الآلام، لذلك يرى مختصو العيون، أن «خفاق العين» مشكلة شائعة وغالباً ما تكون مزمنة وتحدث عند قلة إفراز الدموع أو عدم قدرة الغدد على إفرازها ويقل إنتاجها مع التقدم في العمر بسبب التغيرات الهرمونية مع وجود أسباب أخرى؛ ومنها الإصابة ببعض الأمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، وأمراض الغده الدرقية.

ويحذر الأخصائي صلاح أمين، من الجلوس أمام شاشات التلفزيون لفترات طوية، واستخدام العدسات اللاصقة لفترات طويلة، ناصحاً في الوقت نفسه بمراجعة طبيب العيون عند الشعور بأعراض جفاف العين، الذي يسبب الشعور بعدم بالراحة.

3 من 10 مصابون بالجفاف

أخصائي طب وجراحة العيون الدكتور جابر عبدالرزاق، أشار إلى وجود دراسة حديثة أظهرت أن ثلاثة من بين عشرة أشخاص في المملكة يعانون من جفاف العين. وهو ناتج عن عدم توفر الترطيب الكافي للعين، ما يؤدي لظهور أعراض الجفاف عند الاستيقاظ من النوم، وعند التعرض للرياح والحرارة الجافة، فيحدث تبخر مفاجئ لطبقة الدموع السطحية مع عدم قدرة الغدد الدمعية على العمل لخلل وظيفي على إنتاج دموع كافية، ما يسبب ظهور الأعراض المرتبطة بجفاف العيون مثل الحرقان والخشونة مع إفرازات لزجة وحساسيه للضوء واحمرار، وقد تصحبها صعوبة في استخدام العدسات اللاصقة والقيادة ليلاً نتيجة الضبابية في الرؤية.

وعن أسباب جفاف العين يوضح أخصائي طب وجراحة العيون الدكتور عبدالرزاق، أنه يحدث نتيجة خلل في طبقات سطح العين، فالغشاء السطحي يتكون من ثلاث طبقات؛ وهي الطبقة الخارجية الزيتية والمائية والمخاطية الملاصقة لسطح العين، ويظل سطح العين رطباً ومتماسكاً بفضل المزيج الذي تفرزه الغدد الدمعية، وعند حدوث خلل في الغدد الدمعية مع التغيرات الهرمونية والتقدم في العمر، أو التهاب الجفون المتكرر، أو استخدام العدسات اللاصقة تتسبب في انخفاض حساسية عصب القرنية فيحدث جفاف العين، وقد يحدث الجفاف بسبب قلة الرمش بالعينين مع مرض «باركنسون»، والتهاب العصب السابع، أو القراءة والتركيز على شاشات الكمبيوتر، أو القيادة لساعات طويلة، وبعض الأدوية قد تؤدى إلى تفاقم أعراض الجفاف بالعينين مثل قطرات إزالة الاحتقان، ومضادات الهيستامين، وقطرات علاج ضغط العين، وأدوية منع الحمل، وعلاج حب الشباب. موضحاً أن جفاف العين من الدموع يحتاج لمراجعة الطبيب لتحديد العلاج، لأنه في كثير من الحالات يعتبره الطبيب مرضاً مزمناً ويتنوع العلاج حسب شده الحالة والمسببات.

ثقوب لسيلان الدموع

الأكاديمية الأمريكية لطب العيون، أشارت إلى أن الدموع تتألف من البروتينات والماء والزيت والمخاط، ومن غدد دمعية موجودة تحت الجفن العلوي في العين، وتمرّ عبر القنوات الدمعية الموجودة بين العينين والأنف التي تعمل كحوض لتجميع السوائل، وعند امتلاء العينين بالدموع، تتسرب عبر القنوات، والإنسان يمتلك قناتين دمعيتين بالقرب من الزاوية الداخلية للعين على شكل ثقوب، وعندما تتدفق الدموع بسرعة في حالات البكاء أو الضحك الشديد لا تستطيع القنوات الدمعية ترشيح كل الدموع، ما يؤدي إلى تسرب بعضها خلال الأنف، ومع تقدم الإنسان في العمر يتباطأ إنتاج الدموع القاعدية ما قد يؤدي إلى جفاف العين؛ نتيجة تغيرات هرمونية خصوصاً لدى النساء أثناء الحمل وانقطاع الطمث، كما يمكن أن تُسبب العدسات اللاصقة وبعض الأدوية جفاف العين.

الحذر من مجفف الشعر

وزارة الصحة أوضحت «أن الدموع تتكون من ثلاث طبقات رئيسية؛ زيت، وماء، ومخاط، فالطبقة الزيتية الخارجية تجعل السطح مكان الدموع في العين أملسَ، وتمنع جفاف الدموع بسرعة كبيرة، فيما تشكل الطبقة الوسطى المائية معظم ما نراه بالدموع وهي مسؤولة عن تنظيف وترطيب العين، وحماية القرنية، أما الطبقة الثالثة وهي الداخلية المخاطية فتغطي بياض العين، وداخل الجفون، ومسؤولة عن نشر الطبقة المائية على سطح العين لإبقائها رطبة».

وأشارت الوزارة إلى أن جفاف العين شائع ومزمن ومن أسبابه الإصابة ببعض الأمراض منها التهاب المفاصل الروماتويدي، و«متلازمة سجوجرن»، ومطالعة شاشة الكمبيوتر أو القراءة لفترة طويلة، وعدم ممارسة الأنشطة التي تقلل من رمش العين، واستخدام العدسات اللاصقة لفترة طويلة، وإجراء جراحة العين الانكسارية، وتناول بعض الأدوية كمدرات البول، وعلاج مشاكل القلب أو ارتفاع ضغط الدم، وأدوية الحموضة المعوية. وقالت الوزارة «إن الوقاية تتمثل في عدم استخدام مجفف الشعر إن أمكن، وحماية العين من الرياح الجافة عن طريق ارتداء النظارات الخاصة، واستخدام مرهم للدموع أو قطرات كثيفة للعين قبل الذهاب إلى الفراش مباشرةً، والرمش بانتظام عند القراءة أو النظر في شاشة الكمبيوتر لفترات طويلة من الوقت، وشرب الكثير من الماء يومياً، والحصول على قسط كاف من النوم».

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق