فحم ورمال وعظام مطحونة.. رحلة الإنسان في البحث عن معجون الأسنان - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قبل أن يصبح معجون الأسنان منتجا يوميا يملأ رفوف المتاجر حول العالم، كان يصنع من مكونات بدائية مثل العظام المطحونة وأصداف المحار وحوافر الثيران. واليوم، تطور هذا المنتج ليصبح أحد أهم أدوات العناية الشخصية، بعشرات الأنواع التي تتجاوز تنظيف الأسنان لتشمل الحماية من التسوس، وتقوية المينا، وتبييض الأسنان، وحتى مكافحة أمراض اللثة. فما حكاية معجون الأسنان؟

تاريخ طويل وسوق بـ19 مليار دولار

على غير المتوقع، حرص القدماء على العناية بصحة ونظافة أسنانهم، واستخدموا منتجات بدائية متاحة حولهم. ومع التطور، ازداد الاهتمام بصحة الأسنان والعناية بها، حتى إن بيانات شركة أبحاث السوق العالمية "فورتشن بيزنس إنسايتس"، كشفت نموا ملحوظا للسوق العالمي لمعجون الأسنان، بلغت قيمته نحو 19.4 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بتجاوز 29 مليار دولار بحلول 2032، خاصة في ظل أرقام صادمة تشير إلى أن 3.5 مليارات شخص حول العالم يعانون من أمراض فموية، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.

وفي روتين النظافة اليومية، يلعب معجون الأسنان دورا كبيرا في حمايتها والحفاظ على نظافتها وصحتها.

Toothpaste by activated charcoal powder on marble table shutterstock_1150775072
مسحوق الفحم والرماد اُستخدما لتنظيف الأسنان في القرن الـ19 (شترستوك)

"المعجون" في الحضارات القديمة

استخدمت الحضارات القديمة، بما فيها المصريون والإغريق والرومان، معجون الأسنان لتنظيف الأسنان وتنقية النفس. وسعوا إلى ابتكار طرق بدائية لكنها كانت فعالة.

وفي مصر القديمة، حوالي عام 3000 قبل الميلاد، طور المصريون أول وصفة معروفة لمعجون الأسنان، وكانت تتكون من حوافر الثيران المطحونة، ونبات المر الصمغي، وقشور البيض، وحجر الخفاف والماء. وبحسب المؤسسة المختصة في طب الأسنان "دلتا دنتال أركنساس"، أظهرت هذه المكونات فهما مبكرا لفكرة التلميع والتعقيم، إذ لا يزال الخفاف يستخدم حتى اليوم من قبل مختصي صحة الأسنان لتلميعها خلال جلسات التنظيف الاحترافية.

إعلان

ولم يكتف المصريون القدماء بالخلطة السابقة في العناية بأسنانهم، لكنهم استخدموا مع الصينيين ملح الصخور مع مكونات أخرى في صناعة معاجين الأسنان، وفقا للمركز المختص بطب الأسنان "ماي ويلنيس دينتال".

واستخدم المصريون ملح الصخور ممزوجا مع النعناع وزهور السوسن المجففة وأصداف المحار، في تنظيف الأسنان وتبييضها.

وبالمثل، مزج الصينيون ملح الصخور مع أنواع مختلفة من النعناع العشبي والجينسنغ ومواد طبيعية أخرى لصنع معجون أسنان خاص بهم، يجمع بين الكشط الخفيف والخصائص العطرية التي تساعد على إنعاش النفس.

وفي الصين القديمة، أيضا، استخدم الصينيون عظام السمك المطحونة كمادة لتنظيف الأسنان.

وفي الحضارات اليونانية والرومانية القديمة، صنع معجون الأسنان من العظام المطحونة وأصداف المحار لكشط الأسنان.

أما العرب، فقد استخدموا الرمل الناعم كمادة لتنظيف الأسنان بسبب وفرته. وفي الوقت نفسه، جرب الأوروبيون استخدام ملح الطعام للغرض نفسه، مستفيدين من قدرته على الكشط والتعقيم.

question from white and black toothpaste, teeth care concept, toothbrush on blue background
بحلول أوائل القرن الـ20، أضيف الفلورايد إلى العديد من المنتجات لتقوية مينا الأسنان والوقاية من التسوس (شترستوك)

رحلة تطور "المعجون"

ظل معجون الأسنان على حاله تقريبا حتى القرن الـ19، عندما استخدم مزيج من الفحم، والرماد، وحتى غبار الطوب الطيني لتنظيف الأسنان، وفقا لتقرير منشور على موقع مركز الأسنان "بوسطن سمايل".

ومثل معاجين الأسنان القديمة، كانت هذه المكونات تطحن معا لتكوين مادة تشبه المعجون اللزج عند إضافة الماء إليها.

ومع منتصف القرن الـ19، بدأ التحول الفعلي نحو شكل معجون الأسنان الموجود حاليا. وبحسب "دلتا دنتال أركنساس"، شهد عام 1824، إضافة الصابون إلى تركيبة معجون الأسنان، وفي خمسينيات القرن أضيف الطباشير كمادة تلميع، وكان قوامه يشبه المعجون المستخدم اليوم، واستخدم في بعض العيادات المتخصصة.

لكن التطور الكبير جاء عام 1873، عندما بدأت شركة "كولجيت" في إنتاج معجون الأسنان بكميات كبيرة وتغليفه في عبوات زجاجية وطرحه في الأسواق. وطور الدكتور الأميركي واشنطن وينتوورث شيفيلد، أول معجون أسنان ناعم بنكهة النعناع وأنتجه عام 1892 في أنبوب قابل للطي مستوحيا الفكرة من أنابيب الطلاء الفنية.

واستمر تطوير أنواع مختلفة من معاجين الأسنان، وبحلول أوائل القرن الـ20، أضيف الفلورايد إلى العديد من المنتجات لتقوية مينا الأسنان والوقاية من التسوس.

وبحلول عام 1945، تم الاستغناء نهائيا عن الصابون كمكون رئيسي في معجون الأسنان، واستبدل بمواد أكثر فعالية مثل كبريتات لوريل الصوديوم، التي ساهمت في تحسين القوام والرغوة وجعل المنتج أكثر لطفا على الفم.

Natural soap and laurel branch (soap ingredient) in wooden box. Traditional soap from Aleppo.
بحلول عام 1945، تم الاستغناء نهائيا عن الصابون كمكون رئيسي في معجون الأسنان (شترستوك)

ومع التطور أكثر تنوعت معاجين الأسنان، وتخصصت في علاج مشاكل محددة، حيث يوجد معجون لتبييض الأسنان، وآخر لتقليل حساسية الأسنان، ومعجون للتحكم في الجير، ونوع مختلف لاستعادة المعادن إلى مينا الأسنان، وآخر للأطفال بنكهة لطيفة ومحتوى فلورايد منخفض.

إعلان

ووفقا لـ"ماي ويلنيس دينتال"، هذا التطور جعل من معجون الأسنان أداة فعالة في الحفاظ على صحة الفم وتعزيز نظافة الأسنان واللثة. وأصبحت معاجين الأسنان الحديثة تجمع بين الفعالية العالية والمذاق الجيد، وساهم تحسين النكهات في جعل استخدام المعجون تجربة أكثر قبولا، في حين تساعد مكوناته المنعشة على التخلص من البكتيريا ورائحة الفم الكريهة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق