أطلق خبراء الصحة تحذيراً عاجلاً في المملكة المتحدة بعد وفاة طفل في مستشفى ألدر هاي للأطفال في ليفربول بسبب إصابته بالحصبة، وسط مخاوف من عودة المرض بقوة نتيجة انخفاض معدلات التطعيم بلقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR).
سجلت المدينة 17 حالة إصابة شديدة بالحصبة خلال الأسابيع الأخيرة، مما يشير إلى احتمالية تفشي المرض على نطاق واسع في منطقة ميرسيسايد.
توفي الطفل في يوليو 2025، ويُعتقد أنه كان يعاني من مضاعفات صحية خطيرة إلى جانب الإصابة بالحصبة.
ولم تُفرج السلطات عن تفاصيل إضافية حول الحالة احتراماً لخصوصية العائلة، لكنها أكدت أن هذه الوفاة هي الثانية الناجمة عن الحصبة الحادة في المملكة المتحدة خلال العقد الأخير.
وتُعد هذه الحادثة تذكيراً مأساوياً بمخاطر الحصبة، التي تُوصف بأنها «المرض الأكثر عدوى في العالم»، حيث تسبب أعراضاً شبيهة بالإنفلونزا وطفحاً جلدياً مميزاً، وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب السحايا أو التسمم الدموي إذا انتشرت إلى الرئتين أو الدماغ.
وكشفت بيانات وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA) أن نسبة الأطفال الذين تلقوا جرعتي لقاح MMR حتى سن الخامسة في ليفربول لا تتجاوز 73%، بينما تنخفض إلى أقل من 65% في بعض مناطق لندن.
كما تشهد مدن مثل مانشستر وبيرمينغهام معدلات تطعيم منخفضة بشكل مقلق. وعلى المستوى الوطني، تبلغ نسبة التطعيم 85.2%، وهي تحسن طفيف عن أواخر 2024، لكنها لا تزال من بين الأدنى خلال عقد، في المقابل، تحقق مناطق مثل روتلاند (97.6%) ونورثمبرلاند (95%) معدلات تطعيم مرتفعة.
ويُوصي خبراء الصحة بضرورة تحقيق نسبة تطعيم لا تقل عن 95% لمنع تفشي الحصبة، التي تنتشر بسرعة بين غير المطعمين. يُقدم لقاح MMR للأطفال في عمر سنة، مع جرعة ثانية بعد سن الثالثة، ويوفر حماية بنسبة 99% ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
وأعرب البروفيسور السير أندرو بولارد، مدير مجموعة أكسفورد للقاحات، عن قلقه من عودة الحصبة، مشيراً إلى تسجيل نحو 3000 حالة في 2024، وأكثر من 500 حالة بحلول يوليو 2025.
وأوضح أن المملكة المتحدة فقدت تصنيفها كدولة خالية من الحصبة من منظمة الصحة العالمية في 2019 بسبب تراجع التطعيم. وأضاف: كان حتماً بشكل مأساوي أن نشهد المزيد من الوفيات مع استمرار انخفاض معدلات التطعيم.
من جانبه، قال البروفيسور إيان جونز من جامعة ريدينغ: إذا استمر انخفاض التطعيم، ستصل الحصبة إلى الأطفال المرضى بالفعل، مما قد يكون كارثياً.
وأشاد بجهود مستشفى ألدر هاي في تطعيم الأطفال الوافدين إلى قسم الطوارئ، داعياً الآباء إلى تطعيم أطفالهم لحمايتهم ومنع انتقال المرض إلى الفئات الأكثر ضعفاً.
أما البروفيسورة هيلين بيدفورد من جامعة كوليدج لندن، فقالت: «هذه الوفاة محزنة لأنه كان يمكن منعها بالكامل. لا ينبغي أن يصاب أي طفل بالحصبة، ناهيك عن المعاناة أو الوفاة». وأكد البروفيسور آدم فين من جامعة بريستول أن تراجع الوعي بمخاطر الحصبة بعد نجاح برامج التطعيم جعل الجمهور ينسى خطورة المرض، مشيراً إلى أن مثل هذه الوفيات قد تكون السبيل الوحيد لتذكير الناس بأهمية التطعيم.
تُعد الحصبة من الأمراض شديدة العدوى، حيث يمكن أن ينقلها شخص مصاب إلى 9 من كل 10 أشخاص غير محصنين في محيطه.
ووفقاً للتقديرات، يحتاج 20% من المصابين إلى العلاج في المستشفى، بينما يصاب 1 من كل 15 طفلاً بمضاعفات خطيرة. وشهدت المملكة المتحدة تراجعاً في معدلات التطعيم منذ التسعينيات، بعد دراسة زائفة ربطت لقاح MMR بالتوحد، مما أدى إلى انخفاض الثقة العامة، ورغم دحض هذه الادعاءات علمياً، لا تزال نسب التطعيم دون المستوى المطلوب.
في ليفربول، حذر البروفيسور مات أشتون، مدير الصحة العامة، من أن المنطقة على شفا تفشٍ كبير، مشيراً إلى تزايد الحالات المتفرقة. ودعا في رسالة مفتوحة إلى الآباء لتطعيم أطفالهم، مؤكداً أن الحصبة يمكن أن تنتشر كالنار في الهشيم بين غير المطعمين.
ويُعتقد أن عدد الإصابات الحالية قد يكون أعلى من الأرقام الرسمية بسبب تأخر الإبلاغ عن الحالات.
أخبار ذات صلة
0 تعليق