حالة من التفاؤل سادت بين العاملين في قطاع العمل الإغاثي والإنساني في سوريا بعد إعلان الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي رفع عقوبات على البلاد، ورثتها الحكومة الحالية من نظام المخلوع بشار الأسد، وتوقعوا أن ينعكس ذلك على العمليات الإنسانية داخل وخارج الأراضي السورية، وخاصة في مجال التحويلات المالية لتمويل وتحسين وضع المشروعات الإنسانية في الداخل السوري.
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عام 2024، فإن نحو 32.5 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، بما فيها الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، مع تأكيد هشاشة الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر بين السكان التي وصلت إلى نحو 90% حسب بعض الدراسات.
وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت نداءً لجمع مبلغ 4.07 مليارات دولار لتوفير مساعدات إنسانية طارئة لنحو 10.8 ملايين سوري خلال العام الماضي، لم تجمع منه سوى ما نسبته 33.1% فقط، ما ترك فجوة تمويلية تقدر بـ2.73 مليار دولار.
وبالرغم من وجود نحو مائة جمعية ومنظمة إنسانية محلية وعربية ودولية، تعمل في سوريا بمجالات الصحة، والتعليم، والمياه، والإيواء، والدعم النفسي، في مناطق الشمال والشمال الغربي السوري إلا أنها لم تستطع تلبية احتياجات اللاجئين، الذين يقدر عددهم بنحو 16.7 مليون شخص، منهم أكثر من 7 ملايين نازح داخل البلاد ومثلهم تستضيفهم دول الجوار تركيا، لبنان، الأردن، العراق.

جهود عربية وإسلامية
وأمام اتساع رقعة الأزمة الإنسانية في سوريا ووجود عدد كبير من المنظمات الدولية التي تعمل هناك، كالأمم المتحدة والصليب الأحمر، وبرنامج الغذاء العالمي، فإن العبء الأكبر يقع على عاتق عدد من المنظمات الإسلامية والعربية مثل جمعية الهلال الأحمر القطري التي بادرت بالعمل منذ اليوم الأول للأزمة.
إعلان
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، أكد الأمين العام للهلال الأحمر القطري فيصل محمد العمادي، أنه مع استمرار التحديات التي تواجه الشعب السوري تبقى الحاجة ماسة لتضافر الجهود الإنسانية واستمرار تدفق الدعم النوعي، بما يضمن استمرارية الخدمات الحيوية، ويؤسس لمسارات تعافٍ شاملة تحفظ كرامة الإنسان السوري، وتلبي طموحاته في حياة آمنة مستقرة.
وأضاف أنه على مدار 13 عاماً من الأزمة السورية، نفذ الهلال الأحمر القطري تدخلات إنسانية وإغاثية واسعة للاجئين السوريين في الداخل وفي الخارج بلبنان والأردن والعراق وتركيا بقيمة إجمالية تجاوزت 182 مليون دولار أميركي، استفاد منها أكثر من 19 مليون إنسان في مجالات الصحة والإيواء والمساعدات الغذائية وغير الغذائية والتعليم والدعم النفسي وغيرها.
وأشار إلى قيام فرق جمعية الهلال الأحمر بإنشاء وتشغيل 114 مركزاً صحياً، وتنفيذ 48 حملة تطعيم، و570 عملية جراحية متخصصة، وتوزيع مليون و850 ألف سلة غذائية، ودعم محصول القمح، وبناء 17 قرية سكنية لإيواء أكثر من 22 ألف شخص، وتأهيل 10 مشروعات لري 1200 هكتار من الأراضي الزراعية، وتوزيع 450 ألف كتاب ووسيلة تعليمية لطلاب المدارس.
وأضاف العمادي بأنه ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، دخلت الاستجابة الإنسانية للهلال الأحمر في سوريا إلى مرحلة متقدمة تواكب المتغيرات الجديدة هناك بإجمالي ميزانية 15 مليون و880 ألف دولار أميركي، استهدفت أكثر من 738 ألف مستفيد في محافظات إدلب وحلب ودمشق وريف دمشق وحمص ودرعا وحماة وغيرها.
يضاف إليها تخطيط وتنفيذ مجموعة من المشاريع الإستراتيجية الجديدة لتلبية الاحتياجات الملحة وتعزيز صمود المجتمعات المتضررة بنحو 17 مليون و220 ألف دولار أميركي، يتوقع أن يستفيد منها مباشرة 56 ألف شخص في مختلف القطاعات.
جمعية جيفت أوف ذا جيفرز الجنوب أفريقية أيضا، كانت أبرز الحاضرين في الأزمة السورية بمستشفى ميداني متكامل في الشمال السوري مجهز بوحدات جراحية وأقسام عناية مركزة استفاد من خدماتها نحو مئتي مريض يوميا، كما نفذت الجمعية عمليات توزيع للأغذية على المحتاجين، وبلغ حجم تمويل هذه المشروعات نحو خمسة عشر مليون دولار أميركي استفاد منها نحو 250 ألف مواطن سوري.
" frameborder="0">
تحديات بالجملة
ورغم حالة التفاؤل لدى العاملين في المجال الإنساني في سوريا، بحدوث انفراج في الأزمة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من 13 عاما، إلا أنه لا تزال هناك العديد من التحديات التي تصطدم بهذا التفاؤل ولعل أبرزها:
- عدم كفاية التمويل لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة للمتضررين.
- استمرار القيود على الوصول إلى بعض المناطق بسبب النزاع المسلح فيها، خصوصا المناطق الشرقية.
- تدهور حالة البنية التحتية في الطرق وقطاعات المياه والكهرباء والصحة، مما يزيد معاناة السكان.
- وجود ألغام ومخلفات حربية غير منفجرة تعرقل الوصول إلى المناطق المتضررة.
- ضعف التنسيق بين المنظمات الإنسانية وازدواجية الأدوار في تقديم الخدمات، مقابل النقص الشديد في مناطق أخرى.
ورغم ذلك يؤكد العاملون في مجال الإغاثة، أن رفع العقوبات المصرفية سيسهل على المنظمات إرسال تمويلها بسرعة وأمان، دون الاعتماد على شبكات غير رسمية أو وسطاء مكلفين، وتسهيل إدخال المعدات والمواد الطبية وقطع غيارها، ما سيسمح للمستشفيات والمراكز الصحية بتجديد معداتها وتشغيل أقسام متوقفة، إضافة إلى أن توفير السيولة في الأسواق سيوفر كثيرا من الاحتياجات التي كانت تستوردها المنظمات الإنسانية بأسعار باهظة.
إعلان
0 تعليق