
11 يوليو 2025 - 06:00
في لحظات التألق، نرفع الشعارات، ونُشيد بالبطلات، ونُغرق المنصات الرقمية بصور الفخر والاعتزاز.
لكن، حين تنطفئ الأضواء، وتغيب الكاميرات، بعدما تألق المنتخب المغربي النسوي، نُعيد طرح السؤال نفسه: هل نحب كرة القدم النسوية حقًا؟ أم فقط حين تُشرفنا في المحافل الدولية؟
صحيح أن ما حققته "لبؤات الأطلس" في السنوات الأخيرة غير مسبوق: التأهل إلى نهائي كأس أفريقيا، صناعة التاريخ في مونديال أستراليا ونيوزيلندا، والآن، عودة قوية في كأس أمم أفريقيا 2024.
لكن ماذا عن ما قبل الفوز؟ ماذا عن الأيام العادية؟ هل نهتم فعلًا بهذه الرياضة خارج لحظات الفخر الجماعي؟
لو تجولنا بين عناوين الصحف والمواقع قبل هذه البطولات، سنجد غيابًا شبه تام لأي حديث عن البطولة الوطنية النسوية، عن اللاعبات المحليات، عن الفرق التي تناضل في الظل بلا دعم ولا جمهور.
لو دخلنا مدرجات مباريات الدوري النسوي، سنصادف غالبًا مقاعد فارغة وصمتًا ثقيلًا، كأن لا أحد يعترف بأن هذه الفرق تمثل مغربًا آخر، مغرب الكفاح الأنثوي في الرياضة.
الجمهور لا يُلام وحده، فالإعلام بدوره يتحرك مع الموجة، ويغيب حين تهدأ.
نُسلّط الضوء على الشباك، وابتسام الجريدي، ونهيلة بنزينة فقط حين يتصدرن، ثم نغلق الصفحة، وكأن حبنا مشروط بالنتائج، لا بالقيمة ولا بالاستمرارية.
هل نطالب بالمساواة في الدعم والتغطية فقط حين نربح؟ أليس من حق هذه اللاعبات أن يُكتب عنهن، ويُحلل أداؤهن، وتُناقش صفقاتهن، كما نفعل مع نظرائهن الذكور؟ ألا يحق لنا كصحافيين أن نحاسب أنفسنا: كم مرة كتبنا عن مباراة في الدوري النسوي؟ كم مرة اقترحنا ضيفة نسوية في برنامج تحليلي؟ كم مرة تابعنا لاعبة محلية خارج البطولة القارية؟
وهنا تحديدًا، يبرز الفرق الكبير بيننا وبين ما يحدث في بعض الدول الأوروبية، حيث تحوّلت كرة القدم النسوية إلى مشروع وطني طويل الأمد، وليس مجرد لحظة فخر عابرة.
في إنجلترا، على سبيل المثال، لم تكن تتويجات منتخبهم مجرد معجزة، بل نتيجة لعقود من الاستثمار في المدارس، والبنية التحتية، والدوريات القاعدية.
مباريات الدوري تُبث أسبوعيًا على القنوات الكبرى، وتُحلل في برامج رياضية بنفس الجدية التي تُخصص للرجال.
أما في فرنسا، تُخصص الصحف الكبرى صفحات أسبوعية ثابتة لكرة السيدات، بل تُنقل نهائيات كأس السيدات مباشرة على القنوات الوطنية.
وفي ألمانيا، فرق النساء تتبع نفس المنظومة الاحترافية للأندية الكبرى، من حيث العقود، الطواقم التقنية، والرعاية.
هناك، لا تُحب الكرة النسوية فقط عندما تربح… بل تُبنى حولها ثقافة دائمة من التشجيع والاهتمام والتقدير، النتائج تُحتفى بها، نعم، لكنها ليست الشرط الأساسي للحب، بل ثمرة لعلاقة احترام متواصلة.
فالكرة النسوية لا تحتاج فقط إلى "التصفيق عند الفوز"، بل إلى حُب ناضج ومسؤول… حب يتجلى في التغطية الدائمة، في السؤال النقدي، في تسليط الضوء، وفي احترام هذا المسار الذي تُعبّده اللاعبات بصمت وشجاعة.
باختصار، إن أردنا كرة نسوية حقيقية، فلنحبّها دائمًا… لا فقط حين تربح.
0 تعليق