مفتاح العمليات.. قصة قاعدة دييغو غارسيا العسكرية الأمريكية حتى الهجوم على فوردو - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في قلب المحيط الهندي، محاطة بالمياه من جميع الجوانب، بعيدة عن الأنظار ولكنها قريبة للغاية من مناطق الصراع العالمية، تقع واحدة من أكثر الأسرار شهرة لدى الولايات المتحدة، وأهم المفاتيح العلمياتية لدى الولايات المتحدة هي: قاعدة دييغو غارسيا العسكرية الأمريكية.

على خرائط البنتاجون

دييغو غارسيا جزء من أرخبيل تشاغوس، ويقع على بُعد حوالي 4700 كيلومتر جنوب غرب إيران وحوالي 1800 كيلومتر جنوب الهند. وهي ليست دولة مستقلة، بل إقليم بريطاني مُؤجَّر للولايات المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي. أُنشئت القاعدة العسكرية عليها في سبعينيات القرن الماضي في إطار الرد الجيوستراتيجي الأمريكي على الهيمنة السوفيتية، لكنها أصبحت منذ ذلك الحين أحد أهم المراكز العملياتية خارج حدود الولايات المتحدة.

من الناحية اللوجستية، تُعدّ قاعدةً ضخمة. تضمّ مدرجًا يزيد طوله عن 3600 متر، وهو ما يكفي لإطلاق طائرات النقل الثقيلة والقاذفات الاستراتيجية. كما تضمّ القاعدة ميناءً عميق المياه، يُستخدم كمنطقة إرساء للغواصات النووية والسفن الحربية. كما تُشغّل القاعدة مراكز تحكم وأقمارًا صناعية، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق استخبارات متطورة، وقدرات تسليم سريع.

احتلت هذه القاعدة مكانة هامة في خرائط عمليات البنتاجون، وفي ظل تصاعد التوترات مع إيران، تحولت دييجو جارسيا من جزيرة منسية إلى نقطة انطلاق استراتيجية بالغة الأهمية، لا سيما للطائرات الشبحية مثل بي-2 سبيريت وبي-1 لانسر، القادرة على الوصول مباشرة إلى قلب إيران والعودة دون الحاجة إلى التزود بالوقود جوًا.

مفتاح العمليات في الشرق الأوسط

وفقًا لتقارير أجنبية، تُستخدم قاعدة دييجو جارسيا غالبًا كنقطة انطلاق لمهام سرية وعملياتية في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط. وقد سبق للقاذفة الاستراتيجية بي-2، القادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات مثل جي بي يو-57، أن نفذت مهام عملياتية في أفغانستان والعراق. والآن، في ضوء الهجوم على المنشأت النووية الإيرانية أصبحت القاعدة مجددًا مركزًا لنشاط متجدد، عن طريق قائفات الشبح B2.

قاذفات الشبح B2 مملوكة حصريًا لسلاح الجو الأمريكي، ولا تمتلك أي دولة أخرى مثل هذه القدرات: وهي طائرة يمكنها التحليق لمسافة تزيد عن 10،000 كيلومتر دون أن ترصدها الرادار، وحمل عشرات الأطنان من الذخيرة الدقيقة، وضرب أهداف في عمق أراضي العدو، والعودة إلى قاعدتها - كل ذلك في مهمة واحدة. 

المسافة من إيران إلى دييغو غارسيا كبيرة، لكنها ليست عائقًا: قاذفة الشبح B-2 سبيريت قادرة على القيام بطلعات جوية لأكثر من 40 ساعة، ويمكن تزويدها بالوقود جوًا عند الحاجة على طول الطريق.

إلى جانب القاذفات، تُشغّل القاعدة أيضًا طائرات استطلاع، وطائرات غلوبال هوك مُسيّرة، وطائرات تزويد بالوقود من طراز KC-135 وKC-10. كما وردت تقارير عن وحدات من القوات الخاصة ومعدات إلكترونية متطورة لعمليات الأمن السيبراني والمراقبة. 

ورغم موقعها النائي، تُعدّ قاعدة دييغو غارسيا محورية في الاستراتيجية الأمريكية الرامية إلى تطويق الصين وإيران بوجود عملياتي. ويتيح موقعها في قلب المحيط الهندي إرسال تعزيزات سريعة إلى مناطق الصراع دون الاعتماد على قواعد سياسية قد تُعارض استخدامها، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهي دول تواجه قيودًا دبلوماسية وسياسية.

من يملك الجزيرة؟

تعمل القاعدة ضمن عملية بريطانية أمريكية مشتركة، لكنها في الواقع تحت السيطرة العملياتية الكاملة للجيش الأمريكي. ووفقًا لتقديرات مختلفة، يتمركز فيها بشكل دائم حوالي 4000 جندي وموظف لوجستي، مع أن الأعداد تختلف باختلاف الاحتياجات العملياتية.

على مر السنين، نشأ جدل دولي حول ملكية الجزيرة. يخوض السكان الأصليون لجزر تشاغوس، الذين نُفوا في سبعينيات القرن الماضي، معركة قانونية لاستعادة أراضيهم. وقد قضت محكمة العدل الدولية عام ٢٠١٩ بأن بريطانيا تسيطر على الجزيرة بشكل غير قانوني، لكن الملكية الفعلية لم تتغير، ولا تزال دييغو غارسيا في أيدي الغرب.

من الناحية الاستراتيجية، تُعدّ الجزيرة جوهرة عسكرية حقيقية. الصمت الإعلامي المحيط بها لا ينبع من قلة أهميتها، بل من إمكاناتها العملياتية الحساسة، فيما سميت الجزيرة على اسم المستكشف الإسباني دييغو غارسيا دي موغير، الذي استكشف المنطقة في القرن السادس عشر كجزء من البعثات الإسبانية والبرتغالية في المحيط الهندي.

مع أن الإسبان لم يُنشئوا مستوطنة دائمة هناك، إلا أن اسم غارسيا ظلّ مرتبطًا بالجزيرة وترسّخ على مرّ السنين. ثم انتقلت الجزيرة إلى السيطرة الفرنسية، ثم إلى بريطانيا كجزء من حكمها الاستعماري على المحيط الهندي. واليوم، ورغم طابعها اللاتيني المميز، لا وجود لإسباني أو برتغالي على الجزيرة، وهي لا تزال شاهدًا تاريخيًا على حقبة سيطر فيها المستكشفون الأوروبيون على طرق التجارة العالمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق