تعشب جحود.. أسرار مجتمعية بين التفاخر والتناحر - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
(1)

هناك من بلغ أرفع الشهادات العلمية وقمم المناصب؛ يلسع بشمسه أعين والديه الدافئة الدامعة فيحجب عنهما الغيوم البيضاء الهادئة.. حاصرته نفسه المولعة بالانحدار إلى أهوائها، ناسياً مواقفهما معه ومجهوداتهما واستغفارهما له.. يعاقبهما بالجحود حين يترك ذاته تقوده إلى عقوقهما.. لم يختلِ يوماً بنفسه ليكتشف ماذا فعلا له منذ ولادته.. عاق ينسب الفضل لذاته الرديئة دون والديه، فيؤلمهما بتحقيره لهما وتصغيره لمجهودهما.. فهل هذا من البر؟!

(2)

وهناك زوجات يهربن من أزواجهن بخفة هر حين ينقض على طعامه.. تضع أصبعها في عينيه المرتبكتين فلا يستطيع مسح جبينه بكفه.. تتنكر له بعد أن أوصلها بصبره وتحمله إلى درجة علمية ووظيفة رفيعة، بل تتفاخر بتحقير أفعاله.. تصغِّر عطاءه في أعين أبنائهما وتكبِّر هداياها لهم.. لم تستطع كسب الحياة بتذكر أفضاله.. وهذا ما جعله مصعوقاً فاغراً فاه من تجاهلها لمجهوداته.. فهل ترغب بخسران حياتها للأبد؟!

(3)

وهناك من يفتخر بوظيفة مرموقة أو منصب تقلده بمجهوده أو حتى بالواسطة، ولا ضير طالما أنه يستحقها ولم يقلل من شأن من لم يحالفه الحظ بها.. هؤلاء الكاتمون على مكاتبهم لا يرخون أجسامهم إنما يلقونها على كراسيهم وكأنها دائمة.. يأمرون وينهون بنصف جلسة.. تتلبسهم كآبة تحمل ابتسامة متشفية مجهولة لا تخرج هادئة.. لا يسمح بمرور نسمات مشورة من أحد مرؤوسيه.. فهل هذا يستحق المكان والمكانة؟!

(4)

وهناك من ينسب لنفسه مجهود من يعمل تحت إدارته، بهدف الارتقاء إلى منصب أعلى أو طلباً لمكافأة أو ترقية.. هذه الزمرة ـ مع الأسف ـ سبب لانتكاس وفشل الكثير من المنظومات في القطاعين الحكومي والخاص.. هذا الصعود المبني على أكتاف الآخرين يجعل الموظف تحت يديه يصل إلى درجة «الإحباط».. أولئك المتكبرون في داخلهم غيمة قسوة تظلل كل شيء جميل.. فهل يريدون أن يكون موظفوهم دُمى؟!

(5)

كلما ارتشفت فنجاناً من القهوة أو تعشبت كوباً من الشاي في لحظة إشراق؛ سوف أستمر في سلالم تلك الحكايات لأحكي مثل تلك المواقف بألم وحشي.. أكتب عن أولئك المتسلقين على أكتاف غيرهم بفضحهم.. سأستمر في الكتابة عن أولئك المتسلقين الجاحدين في مجتمعنا.. سأستمر في كشف أولئك المنتمين إلى حزب المفلوتين.. سأستمر في تعرية أولئك المتشدقين ممن صنعهم غيرهم.. سأفعل شيئاً بفعل الكتابة عن أفعال أولئك المتمردين المتعاظمين على من صنعهم.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق