الخميس 12/يونيو/2025 - 10:33 م
أضف للمفضلة
شارك شارك
في عالم الأعمال يُعد التوسع أحد المؤشرات الإيجابية لنجاح الشركة، غير أن التوسع غير المدروس قد يتحول إلى سلاحٍ ذي حدّين، يقود في النهاية إلى نتائج كارثية، تبدأ من فقدان الجودة، وتمرّ بانهيار السمعة، وقد تنتهي بإغلاق الشركة نفسها.
التوسع غير المدروس هو التمدد السريع في الأنشطة أو الفروع أو الأسواق دون توفر بنية تنظيمية أو مالية كافية، ودون إجراء دراسات جدوى حقيقية أو فهم دقيق للسوق المستهدفة، قد يكون الدافع للتوسع الحماسة المفرطة، أو السعي للمنافسة، أو حتى الانبهار بالأرباح المؤقت في بداية المشروع، في أوائل الألفينات، كانت هناك شركة في الولايات المتحدة تنمو بشكل كبير وتوسعت في افتتاح فروع كثيرة في فترة زمنية قصيرة، دون دراسة كافية لسلوك المستهلك، مما أدى إلى عبء مالي كبير وفقدان السيطرة على الإدارة والجودة وكانت النتيجة إفلاس الشركة وإغلاق أكثر من 800 فرع.
وفي مصر كانت هناك شركة من كبرى شركات الإنشاءات في الشرق الأوسط، توسعت بقوة في عدة دول بعد الطفرة العقارية، لكنها لم تبنِ نظامًا محاسبيًا قويًا لإدارة هذا الحجم من المشروعات، وسرعان ما وقعت في مشاكل مالية أدت إلى إعلان التصفية في 2020.
كما أن هناك الكثير من المطاعم الصغيرة تبدأ بنجاح ملفت في حيّ معين، ثم يقرر صاحبها التوسع في خمس فروع دفعة واحدة "باسم الشهرة"، دون إعداد هيكل إداري جيد، أو تدريب الموظفين، أو توحيد الجودة.. والنتيجة يتراجع مستوى الطعام والخدمة، ويخسر الزبائن، ثم يُغلق.
التوسع العشوائي
يسبب التوسع العشوائي ضغطًا ماليًا كبيرًا، فالفروع الجديدة تعني إيجارات ورواتب وتكاليف تشغيل قد لا تتحملها الميزانية، كما يسبب ضعفًا في الرقابة والجودة، لأن الإدارة لا تستطيع متابعة كل الفروع بنفس الدقة، ويؤدي إلى الإرهاق الإداري بسبب غياب الكفاءات، وقد يضر بالسمعة التجارية، إذ أن تجربة سيئة في فرع واحد تؤثر على الشركة كلها، ويشتت الجهد عن السوق الأساسية.
التوسع ليس خاطئًا
التوسع ليس خاطئًا بحد ذاته، بل هو مرحلة طبيعية في دورة حياة أي شركة ناجحة، لكنه يجب أن يتم وفقًا لمعايير واضحة، ووجود خطة تشغيل مدروسة، وجاهزية مالية دون الاعتماد الكلي على الديون، وتجربة نموذج العمل على نطاق محدود أولًا، وبناء نظام إداري يُدار عن بعد بكفاءة، وفهم دقيق للسوق الجديد.
التوسع الحقيق في الشركات
التوسع الحقيقي يبدأ من داخل الشركة: من تطوير فريق العمل، وبناء أنظمة تشغيل قوية، وتجربة القدرة علي التكرار بنفس الجودة، لا بأس أن تنجح في مكان واحد لسنوات، فذلك أفضل من الفشل في عشرة أماكن دفعة واحدة، فالتوسع المدروس يصنع المال والبراند العالمية، أما التوسع العشوائي فهو طريق مختصر نحو غلق الشركة.
0 تعليق