دار عوضة حين تتحول الحكايات إلى دروس في الوفاء - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عندما بدأت شخصية أحمد بن عوضة تتشكل وبدأت ملامح وعيه تتفتح على الحياة لم يجد أمامه إلا إرث والديه ليكون بوصلة أولى. إرث لم يكن مالاً ولا جاهاً بل حكايات صاغتها المواقف وكتبتها دموع الفقد وصبر الصابرين. يقول أحمد عن والده أبي عوضة بن أحمد: «لم يكن مجرد أب بل كان رجلاً يعرفه كل من مر بالقرية بابتسامته وطيبته. عمل في مكتب الإشراف التعليمي وكان يرافق المشرفين إلى المدارس يحمل في قلبه رسالة وفي يديه عطاء، لكنه علمني الدرس الأكبر يوم نزل إلى بئر الحسين لإنقاذ رجل وطفله من قاع البئر، بينما بقي أبي هناك ليرحل شهيد الشجاعة والفداء». وعن والدته يروي: «أمي جمعة بنت مسفر الدحية كانت رمز الطيبة والنقاء. كنت أسمع من جدتي كيف كانت تحمل القربة كل صباح لتملأ الزير أمام دارنا ليشرب منه كل عابر. كانت دعواتها تسبق خطواتها، ورحلت وهي تحاول أن تمنح الحياة لتوأم لم يكتب لهما النجاة. رحلت شهيدة المخاض، وبقي دفء حنانها يسكن كل زاوية من الدار». منذ رحيل والديه أصبحت دار عوضة أكثر من بيت، إذ تحولت إلى حكاية وفاء جمعت أفراد الأسرة حول جدهم مسفر، وخالهم حسن اللذين حملا عبء التربية والحياة، ليكبر أحمد وإخوته في حضن البيت دون أن يشعروا باليتم. اليوم يعيد أحمد النظر إلى دار والديه بعد أن رممها وغرس أشجارها قائلاً: «هذا البيت ليس حجراً وطيناً، بل هو قلب نابض بذكراهم. أردته أن يبقى شاهداً على أن التضحية تصنع حياة، وأن الوفاء هو ما يجعل الحكايات خالدة». دار عوضة لم تعد مجرد بيت بل صارت عنوانا لقصص القرية وتاريخها وذاكرة أجيال تعلمت أن الحب والوفاء أقوى من غياب أصحابه. أحمد بن عوضة بن أحمد القرشي الزهراني أكاديمي وخبير تربوي حاصل على الدكتوراه في القيادة التربوية عام 2010، والماجستير في الإدارة التربوية عام 2006، والبكالوريوس في التعليم الابتدائي عام 2003، شغل عدداً من المناصب القيادية والإشرافية في التعليم وقطاع الأعمال، من بينها مدير عام أكاديمية خبراء الإدارة، ورئيس قطاع الشراكات والاتصال في المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام (إخاء). أسس عدداً من المبادرات والبرامج التربوية، وقدم مئات الدورات التدريبية في مهارات التفكير والقيادة والإبداع، وله إسهامات إعلامية وثقافية بارزة. اليوم تبدو دار عوضة كأنها انعكاس لمسيرة الدكتور أحمد نفسه، فالبيت الذي تأسس على التضحية والوفاء كان منطلقاً لقصة نجاح تجاوزت حدود القرية وصولاً إلى الميادين التربوية والثقافية والإعلامية ليجسد أحمد بروحه وإنجازاته امتداداً لقيم والديه، وتلك الحجارة التي ما زالت تحكي أعظم دروس الحياة.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق