أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عمق الشراكة الاستراتيجية بين جمهورية مصر العربية وألمانيا الاتحادية، مشيرة إلى أن العلاقات بين البلدين تعد نموذجًا يُحتذى به في مجالات التنمية والتمويل والعمل المناخي، وتتصدر قائمة التعاون بين مصر وفريق أوروبا "Team Europe".
وخلال مؤتمر صحفي عقد اليوم بحضور وزراء التخطيط والخارجية ونظيرتهما الألمانية ريم العبلي، قدمت الوزيرة التهنئة إلى نظيرتها الألمانية على المهام الجديدة التي تتولاها تحت قيادة المستشار الألماني أولاف شولتز، متمنية لها التوفيق، خاصة في ظل دقة المرحلة الحالية التي تشهد تحديات إقليمية ودولية تعوق في بعض الأحيان التعاون متعدد الأطراف، مؤكدة أن الشراكة الثنائية مع ألمانيا تتسم بالثقة والاستمرارية.
وأشارت المشاط إلى أن العلاقات المصرية الألمانية تشمل مجالات متعددة من أبرزها التجارة والاستثمار، حيث تعمل أكثر من 1400 شركة ألمانية في مصر، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 7 مليارات يورو، موضحة أن اللقاء الثنائي الأخير مع الوزيرة الألمانية تطرق إلى عدد من القضايا الاقتصادية، منها مؤشرات الأداء للربع الثالث من العام المالي 2024/2025، والتي سجلت نموًا تجاوز 4.7%.
كما استعرض اللقاء الهيكل الجديد للاقتصاد المصري، الذي سيُعلن قريبًا ضمن "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"، التي تشرح الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية التي تتبناها الدولة لتحويل نموذجها الاقتصادي إلى نموذج أكثر انفتاحًا على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مؤكدة أن الشريك الألماني يلعب دورًا كبيرًا في دعم هذا التحول.
مبادلة الديون بين مصر وألمانيا
وأبرزت الوزيرة أن التعاون بين البلدين يُجسد من خلال مبادرتين استثنائيتين، أولاهما مبادلة الديون مع ألمانيا، التي مكنت مصر من تنفيذ مشروعات تنموية كبرى في مجالات البنية التحتية والطاقة والمياه، ووفرت حيزًا ماليًا إضافيًا ساهم في تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.
وقد ذكر هذا النموذج المصري-الألماني أكثر من مرة خلال مؤتمر التمويل من أجل التنمية الذي عُقد مؤخرًا في إسبانيا، باعتباره أحد النماذج الرائدة في الاستخدام الفعّال للتمويل التنموي.
دمج بين التنمية والعمل المناخي
أما النموذج الثاني فيتجسد في برنامج "نُوفي" الوطني، الذي يمثل منصة متكاملة تجمع بين التنمية الاقتصادية والعمل المناخي. وقد انطلق البرنامج بشراكة ثلاثية بين مصر وألمانيا والولايات المتحدة، وتضمن أيضًا إدماج مبادلة الديون ضمن أنشطته، مما عزز حضوره كمثال يُحتذى به عالميًا في مؤتمرات التمويل والمناخ.
وأشارت الوزيرة إلى أن مصر وألمانيا تستعدان لعرض هذا النموذج في مؤتمر المناخ بالبرازيل المقرر في نوفمبر المقبل، حيث يُعد البرنامج أحد أبرز الأمثلة على التعاون المناخي العابر للحدود.
التدريب الفني والمهني
من جانب آخر، أشادت الوزيرة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي **GIZ**، خاصة في مجالات التدريب الفني والمهني، ومن بينها مشروع الأكاديمية الوطنية للتدريب، والذي يُعد جزءًا من تنفيذ "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"، ويهدف لتأهيل الكوادر وتلبية احتياجات سوق العمل ضمن خطة التحول الاقتصادي.
تمويلات تنموية بأكثر من 15 مليار دولار
وأكدت المشاط أن مصر نجحت خلال السنوات الأربع الماضية في حشد أكثر من 15 مليار دولار من التمويلات التنموية الموجهة للقطاع الخاص، مشيرة إلى دراسة حالية تُجريها الحكومة مع الشريك الألماني حول كيفية الاستفادة من هذه التمويلات لتحفيز الاستثمارات الخاصة.
وسلطت الضوء على نموذج تمويل مشروع الهيدروجين الأخضر الذي يُنفذ بالشراكة بين بنك التعمير الألماني KfW وشركة "سكك وجرين"، باعتباره مثالًا آخر على التنوع في مجالات التعاون المالي بين الجانبين.
اتفاق مالي جديد قيد التفاوض
واختتمت الوزيرة تصريحاتها بالإشارة إلى اقتراب الانتهاء من المفاوضات المتعلقة باتفاق التعاون المالي السنوي بين مصر وألمانيا، والذي يشمل تمويلات ميسرة ومنحًا ودعمًا فنيًا. ومن المنتظر توقيع الاتفاق خلال زيارة مرتقبة في الربع الأخير من عام 2025، مؤكدة أن هذا التعاون سيوجه نحو القطاعات ذات الأولوية في المرحلة المقبلة.
كما شاركت الوزيرة في اجتماعات رسمية مع نظيرتها الألمانية ومع دولة رئيس مجلس الوزراء لبحث أطر التعاون الجديدة، بما يعزز من مكانة النموذج المصري الألماني كشراكة استراتيجية شاملة تجمع بين الاقتصاد والتنمية المستدامة والعمل المناخي.
0 تعليق