دراسة: إزالة الغابات تحوّل الفيضانات إلى كوارث - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت دراسة حديثة أن إزالة الغابات تؤثر بشكل خطير على أنماط الفيضانات وتؤدي إلى عواقب مزعجة وطويلة الأمد، حيث أصبح الفيضان النادر الذي كان يحدث مرة كل 70 عاما يتكرر الآن كل 9 سنوات.

وأكدت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية أن إزالة الغابات لا ترفع فقط معدلات الفيضانات، بل تُغير سلوكها بالكامل، بحيث تصبح الأحداث النادرة متكررة وتبلغ ذروتها بشكل غير متوقع.

ودرس الباحثون حوضين متجاورين في ولاية كارولاينا الشمالية. كلاهما قُطع أشجاره بالكامل في خمسينيات القرن الماضي، لكن استجابتهما كانت مختلفة تماما.
فقد احتفظ أحدهما، وكان مواجها للشمال، بالرطوبة وتعرض لأشعة الشمس بدرجة أقل، أما الآخر فكان مواجها للجنوب فجف بسرعة أكبر.

وقال المؤلف الرئيسي الدكتور يونس عليلة، عالم المياه في كلية الغابات بجامعة كولومبيا البريطانية "إن هذه الدراسة تتحدى هذا البحث التفكير التقليدي حول تأثير إدارة الغابات على الفيضانات".

وأضاف عليلة "نأمل أن يأخذ قطاع الصناعة وصناع السياسات بعين الاعتبار النتائج، التي تُظهر أن المسألة لا تتعلق فقط بكمية الغابات المزالة، بل أيضا بمكان وكيفية إزالتها والظروف المحيطة بذلك".

من جهته، قال هنري فام، المؤلف الأول للدراسة: "وجدنا أن عوامل المناظر الطبيعية التي تبدو بسيطة -مثل اتجاه المنحدر- يمكن أن تحدد نجاح أو فشل استجابة مستجمعات (أحواض) المياه".

وحسب الدراسة زادت وتيرة الفيضانات في الحوض الشمالي (موضوع الدراسة) بين 4 أضعاف و18 ضعفا، وتجاوز حجم بعض الفيضانات الضعف. وفي المقابل، لم يُلاحظ أي تغيير يُذكر في الحوض الجنوبي. وأكد الباحثون أن المعالجة نفسها أسفرت عن نتائج مختلفة جذريا، مما يبرز دور التوجه والمناخ المحلي في مرونة أحواض المياه.

وكانت النماذج التقليدية تقدّر جريان المياه بمعادلة بسيطة، قطع نسبة معينة من الأشجار ينتج عنه زيادة متوقعة في المياه بنسبة معينة، لكن فريق البحث تحدى هذا التفكير، باستخدام إطار احتمالي يستند إلى بيانات جُمعت على مدى 70 عاما من مختبر كويتا الهيدرولوجي.

إعلان

وكشفت النماذج أن إزالة الغابات لا ترفع فقط معدلات الفيضانات، بل تُغير سلوكها بالكامل، بحيث تصبح الأحداث النادرة متكررة وتبلغ ذروتها بشكل غير متوقع. ورغم أن تدفقات المياه تحدث بشكل طبيعي، فإن حجمها وتواترها يمكن أن يتغيرا نتيجةً لاستخدام الأراضي (الغابات) وإدارتها، أو تغير المناخ.

وتتبّع الفريق سلوك الفيضانات لعقود بعد إزالة الغابات، وكشف أن التغيرات في الحوض الشمالي -موضوع الدراسة- بقيت حادة لسنوات طويلة. ولم يكن الأمر مجرد صدمة عابرة، بل تحولا عميقا وطويل الأمد في الاستجابة الهيدرولوجية، حتى بعد مرور 40 عاما على قطع الأشجار، ظلت الفيضانات أكثر شدة وأطول مدة.

ويرى العلماء أن السبب يعود إلى تغيّر دائم في طريقة احتفاظ التربة بالمياه، وتبخر الماء عبر النباتات، ومدى تشبع الأرض بعد المطر.

وأشار الدكتور عليلة إلى أن النتائج يمكن أن تنطبق على كوارث الفيضانات الحالية والمستقبلية. فكولومبيا البريطانية مثلا تضم أراضي مشابهة، بما في ذلك المناطق التي اجتاحتها الفيضانات في عدة دول أوروبية عام 2021.

وخلص الباحثون إلى أن الفيضانات الكبيرة التي ضربت أيضا تكساس بالولايات المتحدة الأميركية بين عامي 2015 و2023 اشتدت بفعل تغييرات الأرض والأمطار الغزيرة الناتجة عن تغير المناخ، وربما ساهم قطع الغابات منذ زمن بعيد في تفاقم الأضرار.

وأكدت الدراسة على ضرورة إعادة النظر في سياسة الغابات التي لا تعد مجرد خزانات للمياه، بل أنظمة هي معقدة تتشكل وفق أنماط المنحدرات والتربة والتعرض للأمطار.

تؤكد النتائج أن فهم ديناميكيات هذه الأنظمة أصبح أكثر أهمية مع تغير المناخ، ومن خلال التعامل مع أحواض المياه كنظم حية ذات خصائص فريدة، يمكن لصانعي السياسات اتخاذ قرارات أكثر ذكاء وأكثر مراعاة للعواقب طويلة الأمد المرتبطة بتغير المناخ.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق