أنغام... حين علا صوت مصر في سماء العلمين - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مساءٍ تخلّت فيه الشمس عن كبريائها، لتمنح السماء لعروس المتوسط تاج النجوم، وُلدت لحظة لا تُنسى في سجل الطرب المصري الأصيل، حين اعتلت الفنانة أنغام منصة الافتتاح لمهرجان العلمين الجديدة 2025، لتغدو الليلة عيدًا للفن وتنظيمًا للوطن.

لم يكن الحفل مجرد عرض غنائي، بل طقسًا احتفاليًا وطنيًا، حيث امتزج الحنين بالمستقبل، واندمج صوت أنغام مع نبض مدينة تنمو في صمت على شاطئ التاريخ. 

وقفت "صوت مصر" كما يسميها جمهورها، بثوبها الأسود، بثبات النايات في وجه الريح، تهمس تارة وتنفجر تارة أخرى، فتغني للحب، وتغني للخذلان، لكنها قبل كل شيء، تغني لمصر.

في كل ارتجافة من حنجرتها، كان الحضور، آلافٌ من المحبين، يلتقطون الجملة كما لو كانت نجوى، لم يكن الصوت وحده ما أسر القلوب، بل الكرامة التي في الغناء، والرقي الذي يعلو فوق الضجيج الرائج في زمن الأغنية السريعة.

لكن الحدث الأجمل، وربما الأعمق، كان في الصورة الكاملة: المسرح المتقن، الإضاءة التي تحاور النغم، الشاشة التي لا تُقاطع الصوت، بل تَرويه. 

كل تفصيلة في التنظيم كانت تقول شيئًا: أن العلمين لا تبني عقارات فقط، بل تبني مشهدًا ثقافيًا يليق بمصر الجديدة، الأمن، الانتقالات، مقاعد الجمهور، الانسيابية، كأن المدينة كلها قررت أن تكون جديرة بصوت أنغام.

ولأن الفن مرآة المدينة، فقد ظهرت العلمين الجديدة في مرآة أنغام كأيقونة حداثية، تمتلك من البهاء ما يكفي لأن تستقبل أميرة الطرب العربي، وتُهديها ليلًا من ضوء وكرامة. 

فأنغام، على اتزانها، كانت في لحظة من البوح العالي، غنّت "بين البنين" وكأنها تتأرجح بين الماضي والمستقبل، بين الإسكندرية التي تحفظ طفولتها، والعلمين التي تفتح أمامها أبواب الخلود.

أنغام ليست مجرد مطربة ناجحة، بل هي حالة وجدانية تخصنا جميعًا، نعود إليها كلما خذلنا الضجيج، ونجدها كلما اشتقنا لما هو "مصري" في العمق. 

وحفلها الأخير لم يكن مجرد ليلة طرب، بل تتويجًا لمدينة أرادت أن تقول إن مصر قادرة على تنظيم الفرح كما تنظم المؤتمرات والمعارض والبنى التحتية.

وفي النهاية، لم نُصفق لأنغام وحدها، بل صفقنا لأنفسنا، لوطن يعرف كيف يغني... ومتى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق