ما دلالات تحذيرات أنقرة لقوات قسد؟ وكيف تترجمها تركيا عمليا؟ - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أنقرة- في تحذير شديد اللهجة، وجه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأربعاء الماضي، رسالة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأذرعها العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، محذرا إياها من مغبة استغلال الاضطرابات الأخيرة في محافظة السويداء جنوب سوريا لتحقيق مكاسب ميدانية.

وقال فيدان، في تصريحات للصحفيين بنيويورك على هامش اجتماع حول قبرص، إن أنقرة تلقت معلومات عن تحركات محتملة لعناصر "الوحدات الكردية"، قائلا "عليهم الامتناع عن استغلال الفوضى في سوريا أو الدخول في مغامرات غير محسوبة تزيد الوضع تعقيدا، فالانتهازية في هذه المرحلة قد تجلب مخاطر جسيمة".

كما شدد الوزير التركي على أن أي خطوة خاطئة من تلك القوات في الوقت الراهن "ستهدد الاستقرار الإقليمي برمته".

تحركات تركية

وجاء تحذير أنقرة في أعقاب أيام من تجدد الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء بين فصائل درزية وعشائر عربية (من أبناء البدو المحليين)، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.

وفي ظل المناخ الإقليمي المتوتر، كشفت وسائل إعلام تركية عن أن أنقرة أجرت اتصالات استخباراتية مع إسرائيل لبحث تطورات الوضع في السويداء والغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.

وأكد فيدان أن بلاده "ترفض أي مساعٍ من شأنها زعزعة الاستقرار في سوريا"، وأن الحكومة السورية الجديدة "لن تتمكن من معالجة الأزمة دون اتخاذ تدابير حقيقية لضمان الأمن الإقليمي". مشددا على أن أنقرة طالبت إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية التي وصفها بأنها "استفزازية"، ومحذرا من أن استمرار الهجمات على دمشق والسويداء لن يمر من دون رد دولي.

وفي السياق ذاته، أفادت مصادر تركية بأن رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، أجرى سلسلة اتصالات مكثفة مع نظرائه الأميركيين والسوريين والإسرائيليين لمتابعة التطورات الميدانية.

إعلان

وشملت الاتصالات الرئيس السوري أحمد الشرع، والوسيط الأميركي توم باراك، إلى جانب زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، في محاولة لاحتواء التصعيد ووقف نزيف الدم في السويداء.

رسائل أنقرة

في السياق، يعتقد المحلل السياسي محمود علوش أن التحركات التركية الأخيرة تعكس مخاوف أنقرة من إمكانية سعي قوات قسد إلى استغلال الوضع الأمني الراهن في سوريا، في ظل انشغال الحكومة بأحداث الجنوب والتصعيد الإسرائيلي ضد الأراضي السورية، بهدف إرباك المشهد في الشمال وفرض واقع جديد من شأنه تعقيد جهود التوصل إلى تسوية لملف قسد، إضافة إلى عرقلة تنفيذ اتفاق الاندماج المبرم بين قسد ودمشق في مارس/آذار الماضي.

وأشار علوش إلى أن تركيا تراقب الأوضاع شمال سوريا عن كثب، في ظل قلق متزايد من أن تؤدي الاضطرابات في الجنوب إلى زعزعة المرحلة الحالية من الاستقرار، الأمر الذي قد يترتب عليه تداعيات خطيرة ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا على الصعيد الأمني.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن أنقرة ستكون مطالبة بمراقبة تحركات قسد في الشمال بحذر شديد، وتوجيه رسائل تحذير واضحة إلى قياداتها بأن أي محاولة انتهازية لاستغلال الوضع القائم قد تحمل مخاطر كبيرة.

ورجح المحلل السياسي أن تضطر تركيا إلى تكثيف اتصالاتها مع الولايات المتحدة لحثها على ممارسة ضغوط على قسد لمنع أي خطوات قد تزيد المشهد السوري تعقيدا في هذه المرحلة الحساسة.

مشاهد لرتل قوات سوريا الديمقراطية وهو يغادر حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب باتجاه شرق الفرات تحت إشراف وزارة الدفاع - المصدر سنا
قسد تنفي وجود أي نوايا انفصالية لديها وتقول إن أولويتها تتمثل في التعاون السياسي (الوكالة السورية للأنباء)

مخاوف تركية

وتعتبر تركيا أي تحرك تقوم به قسد في شمال شرقي سوريا تهديدا مباشرا لأمنها القومي، إذ ترى أن هذه القوات، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، ليست سوى امتداد لحزب العمال الكردستاني المصنف لديها كمنظمة إرهابية.

ومنذ سنوات، تطالب أنقرة بشكل متكرر بحل هذه المليشيات ودمج عناصرها ضمن الجيش السوري الموحد، كجزء من أي تسوية سياسية شاملة للصراع السوري.

وفي الوقت ذاته، تكثف أنقرة ضغوطها لإخراج القوات الأميركية من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شرق الفرات، مؤكدة في خطابها الرسمي أن أي تحرك كردي أحادي الجانب من شأنه تهديد حدودها الجنوبية سيواجه برد حازم.

في المقابل، تنفي قسد بشكل قاطع وجود أي نوايا انفصالية لديها، مؤكدة أن أولويتها تتمثل في التعاون السياسي.

وأوضحت إلهام أحمد، عضو هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، أن هناك قناة اتصال مباشرة ومفتوحة مع تركيا تُعنى بالتنسيق الأمني فقط، مشددة على أن التركيز الأساسي في هذه المرحلة ينصب على استكمال مسار الاندماج مع دمشق، وليس على نزع السلاح.

وعلى الصعيد العسكري، تتبنى تركيا موقفا أكثر وضوحا وحزما، إذ أعلن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع التركية أن القوات المسلحة ماضية في عملياتها ضد العناصر الإرهابية في شمال سوريا، بهدف تأمين الحدود التركية ومنع قيام ما تسميه أنقرة بـ"الممر الإرهابي" على حدودها الجنوبية.

مخططات إسرائيلية

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي مصطفى يتيم أن هناك مؤشرات على تواصل وتنسيق بين وحدات حماية الشعب الكردية، المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا، وبعض المجموعات الدرزية المدعومة من إسرائيل في السويداء، وعلى رأسها التشكيلات التي يقودها حكمت الهجري ومجلس السويداء العسكري.

إعلان

وأوضح يتيم في حديث للجزيرة نت، أن هذه المجموعات الدرزية، التي تحظى بدعم إسرائيلي، تسعى إلى إنشاء كيان "ذاتي الحكم" شبيه بالنموذج الذي تسعى إليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا.

وأشار إلى أنه رغم أن جميع الفصائل الدرزية في السويداء لا تشترك بالضرورة في هذه الرؤية، فإن إسرائيل معروفة بسعيها لتفكيك سوريا وإنشاء كيانات صغيرة خاضعة لسيطرتها، بما يضمن لها مناطق نفوذ مباشرة على حدودها.

وأضاف يتيم أن أخذ الدور التركي في شمال سوريا بعين الاعتبار، ضمن إستراتيجية "تركيا خالية من الإرهاب"، إلى جانب الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة على إسرائيل وحلفائها، يجعل من المستبعد أن تقدم وحدات حماية الشعب على مثل هذه المغامرة.

وحذر في الوقت نفسه من أنه في حال أقدمت وحدات حماية الشعب على استغلال الوضع القائم، فإن تركيا لن تسمح بتمرير ذلك، كما أن الحكومة المركزية في دمشق لن تقبل بأي سيناريو يؤدي إلى تقسيم البلاد، مؤكدا أن أي محاولة إسرائيلية لتوسيع نفوذها أو الاقتراب من الحدود التركية ستواجه مقاومة قوية باستخدام كل الوسائل المتاحة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق