بعد أن هدأت العاصفة.. خريطة ما تحقق فى البنية التحتية الرقمية خلال 10 سنوات - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الجهود المتواصلة منذ 2014 منعت حدوث «شلل» فى الدولة لفترة طويلة بعد حريق «سنترال رمسيس»

تنفيذ خطة لتطوير البنية التحتية للاتصالات باستثمارات 3 مليارات دولار منذ 2018

ربط كل المبانى الحكومية بالألياف الضوئية وإمداد المدارس بالإنترنت فائق السرعة

مضاعفة سرعة الإنترنت الثابت أكثر من 10 مرات خلال 6 سنوات 

ربط 850 قرية بالألياف الضوئية.. وإنشاء وتطوير 3974 برج محمول ضمن «حياة كريمة»

السماح بإنشاء وتأجير أبراج الاتصالات لتوسيع تغطية الشبكات وتحسين الخدمة

ارتفاع عدد الكابلات البحرية التى تمر عبر مصر إلى 20.. وافتتاح 3 محطات إنزال للكابلات

 

بعد انتهاء أزمة حريق سنترال رمسيس، أحد أقدم المراكز الحيوية للبنية التحتية الرقمية فى مصر والمنطقة، ونجاح الأجهزة المعنية فى التعامل معه باقتدار كبير، على رأسها الحماية المدنية، أعاد ما حدث إلى الواجهة تساؤلات عديدة، لعل أبرزها: إلى أى مدى أصبحت البنية الرقمية فى مصر قادرة على الصمود؟، وما الذى أُنجز خلال السنوات الماضية فى هذا الملف؟

المتابع لهذا الملف جيدًا، حتى المواطن نفسه، يدرك تمامًا أن مصر وضعت البنية التحتية الرقمية فى صدارة أولوياتها، خلال العقد الأخير، إدراكًا لأهمية التكنولوجيا فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

بناءً على هذه النظرة للملف، شهدت مصر طفرة غير مسبوقة فى مشروعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، منذ عام ٢٠١٤، سواء على المستوى المحلى أو الدولى. ولم يكن الهدف فقط تحسين جودة الاتصالات، بل بناء منظومة رقمية شاملة تدعم الحكومة الذكية، وتواكب متطلبات الاقتصاد الرقمى، وتعزز مكانة مصر كمركز عالمى لنقل البيانات.

فى التقرير التالى، تستعرض «الدستور»، بالأرقام والحقائق، أبرز ما تحقق فى البنية الرقمية، فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكيف أسهمت المشاريع الاستراتيجية فى إعادة تشكيل بنية الاتصالات من الجذور، بداية من خدمات الإنترنت والمحمول، مرورًا بالكابلات البحرية، ومشروعات قرى «حياة كريمة»، مع استعراض أبرز المؤشرات الدولية التى تقدمت مصر فيها بصورة كبيرة.

 

 

خدمات المحمول تصل إلى «الجيل الخامس»

 

شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فى مصر، تطورًا كبيرًا خلال السنوات العشر الأخيرة، نتيجة خطة وطنية متكاملة استهدفت بناء بنية تحتية رقمية متطورة، تكون قادرة على تلبية احتياجات المواطنين والدولة على حد سواء، وداعمة لطموحات التحول الرقمى ومجتمع المعرفة.

مع بداية تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية، وضعت الدولة استراتيجية تعتمد على التطوير التكنولوجى كمكون أساسى من مكونات التنمية المستدامة، ما أسفر عن تنفيذ عدد من المشروعات الضخمة فى البنية التحتية المحلية والدولية للاتصالات.

وعلى مستوى خدمات المحمول، بدأت الدولة إطلاق خدمات «الجيل الرابع»، فى عام ٢٠١٦، وهى خطوة نوعية رفعت من كفاءة الشبكات وسرعة نقل البيانات، وصولًا إلى إطلاق خدمات «الجيل الخامس» للهاتف المحمول، فى عام ٢٠٢٥، بعد أن حصلت الشركات الأربع العاملة فى السوق المصرية على التراخيص المطلوبة، بقيمة إجمالية بلغت ٦٧٥ مليون دولار، شملت أيضًا تجديد تراخيص الأجيال السابقة لمدة ١٥ عامًا.

هذا التوسع صاحبته قرارات بطرح وتخصيص «نطاقات ترددية» إضافية للشركات، ما وفر للدولة إيرادات قاربت ٢ مليار دولار، وعزز قدرة الشبكات على استيعاب الطلب المتزايد، وتحسين جودة الخدمات.

ومن أبرز التحولات التكنولوجية التى جرت فى هذا السياق، إدخال خدمات الشرائح المدمجة «eSIM»، التى تتيح للمستخدمين التبديل بين شبكات المحمول دون الحاجة إلى تغيير الشريحة، إلى جانب إطلاق خدمات المكالمات عبر الإنترنت اللاسلكى «WiFi Calling»، التى حسّنت من جودة الاتصالات الصوتية فى الأماكن المغلقة، والبعيدة عن أبراج التغطية.

 

«حياة كريمة» التحول الرقمى يغطى الريف

 

شاركت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى المشروع القومى لتطوير الريف «حياة كريمة»، عبر تنفيذ مشروعات لرفع كفاءة البنية الرقمية فى القرى، على رأسها ربط أكثر من ٨٥٠ قرية بكابلات الألياف الضوئية.

وتضمنت الجهود، أيضًا، فى إطار المبادرة الرئاسية، إنشاء وتطوير ٣٩٧٤ برج محمول بتكلفة ٨.٨ مليار جنيه، من المنتظر الانتهاء منها بالكامل خلال العام الجارى، إلى جانب تطوير ١٦٤٤ مكتب بريد من إجمالى ١٨٧٩ مكتبًا فى القرى، لتسهيل الحصول على الخدمات الحكومية. ولم تغفل الوزارة عن تطوير العنصر البشرى، فتم تدريب نحو ١٦٠ ألف مواطن على المهارات الرقمية الأساسية، وتأهيل أكثر من ٣١٠٠ شخصية مؤثرة فى المجتمع القروى من الواعظات والرائدات والمُيسرات للمساعدة فى نشر الوعى الرقمى، إلى جانب تدريب ١١٫٨٠٠ موظف إدارى من العاملين بدواوين المحافظات، فى إطار دعم مشروعات التحول الرقمى على المستوى المحلى.

 

«الإنترنت الثابت» من ذيل التصنيف إلى قمة إفريقيا

 

فى مجال الإنترنت الثابت، شهدت البلاد تطورًا لافتًا بدأ بتطبيق خطة تطوير البنية التحتية للاتصالات، التى نُفذت عبر الشركة المصرية للاتصالات، باستثمارات تخطت ٣ مليارات دولار منذ عام ٢٠١٨.

اعتمدت الخطة على التوسع فى استخدام تكنولوجيا الألياف الضوئية، وأسفرت عن مضاعفة سرعة الإنترنت الثابت بأكثر من ١٠ مرات خلال ٦ سنوات، لتصل إلى ٨٥.٦٤ ميجابت/ ثانية بحلول أبريل ٢٠٢٤، ما جعل مصر تتصدر القارة الإفريقية فى سرعة الإنترنت، وتصبح ثانى أقل دولة من حيث أسعار الخدمة.

وامتدت الجهود لتشمل ربط كل المبانى الحكومية بشبكة الألياف الضوئية، بإجمالى مستهدف يبلغ نحو ٣١.٥ ألف مبنى حكومى على مستوى الجمهورية. وحتى الآن، تم ربط أكثر من ٢٠ ألف مبنى فعليًا، مع استمرار العمل على استكمال المشروع خلال الفترة المقبلة، ما يساعد فى تحسين جودة الخدمات الحكومية الرقمية، وضمان استمراريتها دون انقطاع.

وفى قطاع التعليم، تم تنفيذ مشروع ضخم لتوصيل الإنترنت فائق السرعة إلى المدارس الثانوية فى مختلف المحافظات، أسفر عن توصيل ٢٥٦٣ مدرسة بشبكات الألياف الضوئية، فى إطار دعم منظومة الامتحانات الرقمية والتعليم الذكى، وتحقيق التكامل بين البنية التحتية وخطط تطوير المناهج.

ولتنظيم بيئة الاتصالات، أصدرت الدولة عددًا من الأطر التنظيمية الجديدة، أبرزها السماح بإنشاء وتأجير أبراج الاتصالات اللاسلكية، لتوسيع تغطية الشبكات وتحسين جودة الخدمة، بالإضافة إلى إصدار الإطار التنظيمى لتقديم خدمات «إنترنت الأشياء»، ما يواكب التحول نحو المدن الذكية، ودمج التكنولوجيا فى الخدمات اليومية للمواطنين.

وتضمنت هذه الجهود، أيضًا، إطلاق المركز القومى لمراقبة جودة خدمات الاتصالات، ليكون مسئولًا عن إجراء عمليات قياس دورية لمستوى جودة خدمات الصوت والبيانات التى تقدمها شركات المحمول، وفقًا للمعايير الدولية. كما تم اعتماد آليات جديدة لمحاسبة الشركات فى حالة انخفاض مستوى الخدمة، حيث يتم توجيه قيمة الجزاءات المفروضة نحو تحسين البنية التحتية فى المناطق المتأثرة.

فى سياق موازٍ، أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عددًا من المبادرات التى تستهدف تحسين تجربة المستخدم، مثل تشجيع استخدام المحافظ الإلكترونية لدفع المصروفات الدراسية، وتفعيل خدمات كبار السن، وتوسيع نطاق التثقيف المالى والرقمى فى الأقاليم.

 

«الاتصالات» الأعلى نموًا بين كل قطاعات الدولة

 

على المستوى الاقتصادى، سجل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات معدلات نمو تراوحت بين ١٤٪ و١٦٪ لـ٧ سنوات متتالية، ليصبح الأعلى نموًا بين قطاعات الدولة. وبلغت مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى نحو ٦٪. كما قفزت الصادرات الرقمية من ١.٥ مليار دولار فى ٢٠١٤ إلى ٦.٩ مليار دولار فى ٢٠٢٤، بينها ٤.٣ مليار دولار صادرات خدمات تعهيد، محققة نموًا بنسبة ٨٠٪ فى عامين فقط.

ونتيجة لكل ما سبق، تقدمت مصر بصورة ملحوظة على مستوى المؤشرات العالمية، حيث جاءت مصر فى المركز الثالث عالميًا فى مؤشر «الثقة فى مواقع تقديم خدمات التعهيد العابرة للحدود»، وتقدمت من المركز ١١١ إلى المركز ٦٥ عالميًا فى مؤشر «الذكاء الاصطناعى» الصادر عن مؤسسة «Oxford Insights»، واحتلت المركز الأول إفريقيًا على مؤشر «الذكاء الاصطناعى» الصادر عن «Tortoise Media».

وصُنّفت مصر ضمن الدول الرائدة فى الحكومة الرقمية، وقفزت من التصنيف «C» فى عام ٢٠١٨ إلى التصنيف «A» فى عام ٢٠٢٢، وفقًا للبنك الدولى. وحققت مصر المركز الأول إفريقيًا فى «سرعة الإنترنت الثابت»، وفق تقرير شركة «Ookla». كما جاءت ضمن الفئة الأولى فى مؤشر «الأمن السيبرانى العالمى GCI» الصادر عن الاتحاد الدولى للاتصالات، محققة الدرجة الكاملة «١٠٠ نقطة» فى جميع معايير التقييم.

كل هذه المؤشرات تعكس حقيقة لا يمكن إنكارها، أن ما تم بناؤه فى قطاع البنية التحتية الرقمية، خلال الـ١٠ سنوات الماضية، لم يكن فقط لمجاراة التطورات التكنولوجية، بل لإرساء أساس قوى لدولة رقمية حديثة، قادرة على المنافسة، وتقديم خدمات أكثر كفاءة وأمانًا واستدامة للمواطنين.

 

خبراء:  نقلة نوعية غير مسبوقة «استباقية» لا «رد فعل»

 

أكد عدد من خبراء الاتصالات أن ما تحقق فى ملف البنية التحتية المعلوماتية، خلال السنوات العشر الماضية، يمثل نقلة نوعية غير مسبوقة فى تاريخ قطاع التكنولوجيا المصرى، سواء من حيث حجم المشروعات، أو قيمة الاستثمارات، أو التأثير الفعلى على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمؤسسات.

قال الدكتور حمدى الليثى، رئيس شعبة الاتصالات باتحاد الصناعات، إن الدولة أدركت مبكرًا أن بناء اقتصاد رقمى حديث لا يمكن أن يتم دون بنية تحتية قوية وآمنة، لذا جاء ما شهدناه من استثمار فى تكنولوجيا الألياف الضوئية، وتوسيع الشبكات، وإنشاء مراكز مراقبة الجودة، ما أسهم فى رفع ترتيب مصر عالميًا فى مؤشرات الاتصالات.

وأوضح «الليثى» أن حجم الاستثمارات فى البنية التحتية وحدها بلغ أكثر من ٣ مليارات دولار منذ ٢٠١٨، إلى جانب نحو ٢ مليار دولار أخرى خُصصت لتوسيع النطاقات الترددية وتحسين خدمات المحمول.

أما الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى الأسبق للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، فقال إن التحديث المؤسسى والتشريعى فى قطاع الاتصالات لم يقل أهمية عن المشروعات الفنية، مشيرًا إلى اعتماد أطر تنظيمية جديدة لتراخيص الأبراج، و«إنترنت الأشياء»، والمكالمات عبر الواى فاى «WiFi Calling».

وأضاف «بدوى»: «هذه الجهود أسهمت فى تعزيز مرونة الشبكة واستعدادها لمواجهة أى ظرف طارئ»، مشددًا على أن «ما تحقق هو أساس متين سيحمى البنية الرقمية من الانهيار الكامل حتى فى أسوأ الظروف، وهو ما لمسناه بوضوح مؤخرًا».

وواصل: «هذه المشروعات لم تكن رد فعل لأزمات، بل كانت جزءًا من استراتيجية استباقية وضعتها الحكومة ضمن رؤية مصر الرقمية، تشمل الربط بالألياف الضوئية لجميع المبانى الحكومية، وخلق ممر عالمى لنقل البيانات من خلال مضاعفة المسارات الدولية البحرية والبرية، لتصل إلى ١١ مسارًا دوليًا تمر عبر الأراضى المصرية».

 

تعزيز موقع مصر كممر رئيسى لحركة البيانات العالمية 

 

على صعيد البنية التحتية الدولية، عملت الدولة على تعزيز موقع مصر كممر رئيسى لحركة البيانات العالمية، وارتفع عدد الكابلات البحرية التى تمر عبر مصر إلى ٢٠ كابلًا، منها ١٥ كابلًا تعمل حاليًا، و٥ قيد الإنشاء بالشراكة مع تحالفات دولية، فضلًا عن افتتاح ٣ محطات إنزال للكابلات فى كل من: رأس غارب والزعفرانة وسيدى كرير، ليصل العدد الإجمالى إلى ١٠ محطات.

وانتهت الدولة، كذلك، من تنفيذ مشروع «طريق المرشدين»، وهو مسار برى يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عبر شبكة ألياف ضوئية مخصصة لنقل البيانات، ويُعد من أهم مشروعات الربط الدولى، علاوة على مضاعفة المسارات الأرضية الدولية لتصل إلى ١١ مسارًا، بعد إضافة ٥ مسارات جديدة بطول ٢٦٥٠ كم خلال عامين، مقارنة بـ٦ مسارات فقط قبل عام ٢٠١٩.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق