الخميس 10/يوليو/2025 - 03:47 ص
أضف للمفضلة
شارك شارك
تبرز القودة في قلب المجتمع الصعيدي، كأحد أرقى وأقوى أدوات إنهاء الخصومات الثأرية، وهي عرف قبلي متجذر يعكس توازنًا دقيقًا بين العدالة والصفح.
القودة.. الكفن الذي يوقف الدم
تُقدَّم القودة في صورة “كفن” يُحمله أهل الجاني إلى أهل المجني عليه، كرمز للاعتراف بالذنب وطلب العفو، وحينما يُقبَل الكفن، تُطوى صفحة الدم ويُعلن الصلح، في مراسم عامرة بالمشاعر والدلالات، تُعيد اللحمة للعائلات وتُثبت مكانة العُرف في ترميم الشروخ الاجتماعية.

في قرية القرايا بإسنا.. أبناء العم ينهون خصومة دامت 10 سنوات أمام الكفن ووسط تكبيرات الأهالي
وفي مشهد يحمل هذه المعاني العميقة، شهدت قرية القرايا التابعة لمركز إسنا جنوب الأقصر، أمس الأربعاء، مراسم إنهاء خصومة ثأرية بين أبناء العمومة من عائلة “آل سليم”، بعد خلاف دام أكثر من عشر سنوات بسبب نزاع على قطعة أرض.

القودة: عدالة المجتمع الصعيدي بطقوس التسامح
بدأت مراسم الصلح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، تلاها كلمة مؤثرة لوكيل مطرانية كنيسة إسنا وأرمنت تحدث فيها عن قيمة العفو في كل الأديان. بعدها، تقدمت العائلة المتسببة في الخصومة بتقديم الكفن لأبناء عمومتهم، في مشهد إنساني مؤثر وسط تكبيرات الأهالي واحتضان الطرفين بعضهما البعض.

رسائل رسمية تؤكد على فضيلة العفو
وفي كلمة ألقاها خلال الفعاليات، دعا مدير أمن الأقصر إلى التمسك بروح التسامح والتصالح، مشيدًا بدور القودة في الحفاظ على الأرواح ومنع إراقة الدماء، مستشهدًا بآيات من الذكر الحكيم.

حينما تُقدّم الكفن، تُعلَن الحياة
هكذا تؤكد القودة دورها كأداة محلية ذات طابع ديني واجتماعي عميق، تُكرّس قيم الصلح وترفض منطق الثأر، لتثبت أن الصعيد – رغم تاريخه الحافل بالخصومات – قادر دائمًا على تجديد ذاته بعقله وعُرفه وروحه العالية.
0 تعليق