حياة الفهد ليست مجرد ممثلة كويتية، بل هي ذاكرة حيّة لفنّ الخليج، وواحدة من أبرز الأسماء التي كتبت تاريخ الدراما الخليجية بحروف من صدق وحضور وعراقة. تنقّلت بين المسرح والدراما والشعر والكتابة كأنّها تكتب سيرة الأرض والناس، بلغة قريبة من القلب، وبأداء يشبه نبض الحياة.
البداية من الألم إلى المجد
ولدت حياة الفهد في زمنٍ صعب، وكبرت في كنف المعاناة، لكن شغفها بالفنّ منذ صغرها كان أقوى من كل التحديات. بدأت كممرضة قبل أن يخطفها الفنّ إلى عوالمه، فشاركت في أول أعمالها عام 1963، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عن الحفر في ذاكرة المشاهد الخليجي.
رائدة وصانعة دراما
حياة ليست فقط ممثلة، بل كاتبة ومنتجة ومؤلّفة، قدّمت أعمالًا حفرت عميقًا في وجدان المجتمع الخليجي والعربي، من خالتي قماشة ورقية وسبيكة إلى الفرية والدنيا لحظة وأم هارون. تناولت في الكثير من هذه الأعمال قضايا اجتماعية شائكة، ولم تتردّد في كشف التناقضات والصراعات الداخلية في البيت الخليجي.
لغة الإحساس
ما يميّز حياة الفهد هو صدق أدائها. تبكي كأنّها أمٌّ فقدت فلذة كبدها فعلًا، وتضحك وكأنّها بنت الجيران التي تعرف كل تفاصيل الحارة. لا تمثّل الدور، بل تسكنه، حتى ينسى المشاهد أنّه أمام كاميرا، ويظنّ أنها تروي شيئًا من حياته هو.
صاحبة الكلمة والقرار
لم تكن حياة الفهد تابعًا في يومٍ من الأيام، بل كانت دائمًا صاحبة موقف تعبّر عنه حتى خارج الشاشة. عُرفت بمواقفها الصريحة، سواء في القضايا الفنية أو المجتمعية، وظلّت وفيّة لقناعاتها، تؤمن بأن الفن مسؤولية ورسالة، لا ترفًا أو شهرة عابرة.
التكريم الحقيقي: محبّة الناس
كرّمتها المهرجانات العربية والخليجية مرارًا، لكنّ أعظم تكريم حصلت عليه كان من الجمهور الذي رآها أمًّا وأختًا وصديقة، تحاكي وجعه وتفرحه وتنبض بما لا يُقال. لقد تربّت أجيال على أعمالها، وما زالت تُعتبر مرجعًا للدراما الخليجية.
خاتمة الوفاء
في حياة الفهد، تتقاطع الحكاية الشخصية مع الحكاية الجماعية، وتتحوّل الفنانة إلى ضمير شعبي وذاكرة حيّة. هي ليست فقط سيّدة الشاشة الخليجية، بل رمزٌ لحضور المرأة العربية القوي، المثقّف، والإنساني.
0 تعليق