في "بيت الأمل"، تهتم إديث لوكابوي بالأطفال الذين تخلت عنهم عائلاتهم.(الجزيرة)
في "بيت الأمل"، تهتم إديث لوكابوي بالأطفال الذين تخلت عنهم عائلاتهم.(الجزيرة)
26/6/2025-|آخر تحديث: 11:47 (توقيت مكة)
على طريق موحل وغير متساوٍ وغير مسمى في مشارف جينجا الواقعة شرقي أوغندا، يضحك الأطفال ويلعبون في باحة محاطة بتلال خضراء ومزارع قصب السكر.
يندفع طفل مستعملًا كرسيه المتحرك بسرعة شديدة على طول الممر باتجاه بوابة ثقيلة يحرسها حارس أمني ودود. على الشرفة الخرسانية البالية، يضحك بصوت عالٍ أثناء لعبه مع اثنين من أصدقائه صبي صغير مصاب بالاستسقاء الدماغي (حالة تؤدي إلى تضخم الجمجمة بسبب تراكم السوائل).
أجواء البهجة في هذا المكان، تخفي وراءها الخلفيات الصعبة لـ98 طفلا تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و18 عامًا. جميعهم تم التخلي عنهم. معظمهم كانوا رضعًا عندما تركهم آباؤهم. بعضهم تُرِك عند بوابة المجمع، وآخرون في المستشفى بعد ولادتهم. وتم إنقاذ طفل في الثالثة من عمره من منزله بعد أيام قليلة من اختفاء والديه.
في أوغندا -البلد الذي يبلغ تعداد سكانه حوالي 50 مليونًا- يعيش أكثر من ستة ملايين شخص في هذه الأيام حالة إعاقة. العديد منهم يرى الإعاقة عبئًا بسبب اعتقاد ثقافي متجذر بأنها لعنة.
الأسر التي تضم أفرادًا من ذوي الإعاقة غالبًا ما تُنبذ من مجتمعاتها، وفي ظل غياب الدعم أو المعرفة بالممارسات الأفضل، غالبًا ما تلجأ إلى التقييد أو الحبس الإجباري. في بعض الحالات، يتم التخلي عن الطفل بسبب الوصمة الاجتماعية والصعوبات المالية. علما بأن حوالي 31٪ من الأسر التي تضم أشخاصًا من ذوي الإعاقة تعيش تحت خط الفقر.
تخصص البلاد 1٪ فقط من موازنة الصحة لمساعدة هذه العائلات. يقول أندرو موبانجيزي، مساعد مفوض شؤون ذوي الإعاقة إنه "مبلغ ضئيل جدًّا"، ويضيف: في المناطق الريفية بشكل خاص، يؤدي نقص الموظفين والموارد في العيادات الحكومية إلى إجبار مقدمي الرعاية على السفر مسافات طويلة للحصول على الدعم.
ومع ذلك، حاولت منظمات صغيرة ممولة من المانحين وجمعيات خيرية منتشرة في البلاد على مدار العقدين الماضيين، سدّ الفجوة في النظام الصحي، والاعتناء بحقوق ذوي الإعاقة والدفاع عنهم.
إديث لوكابوي من قادة هذه الحركة وراعية لـ98 طفلا في دار الأيتام المعروفة باسم "بيت الأمل". وهي تأمل أن يؤدي تثقيف مجموعات صغيرة من مجتمعها المحلي إلى زيادة الوعي وإيجاد مجتمع أكثر تسامحا. تقول لوكابوي: "[الناس] يمكنهم بعد ذلك تثقيف مجتمعاتهم... لا ينبغي أن تكون هناك وصمة ثقافية".
لفظهم المجتمع
ميلدريد عمرها عامان وهي مصابة بمتلازمة داون، وتستخدم إطارًا للمشي في "بيت الأمل". يوم الثلاثاء هو يوم العلاج في "بيت الأمل" حيث يجلب حوالي 25 والدًا أطفالهم لرؤية المعالج الفيزيائي والمعالج الوظيفي(الجزيرة).
يوم الثلاثاء هو يوم العلاج في "بيت الأمل" حيث يجلب حوالي 25 والدًا أطفالهم لرؤية المعالج الفيزيائي والمعالج الوظيفي. (الجزيرة)
في إحدى أمسيات نوفمبر/تشرين الثاني الرطبة، جلست إديث وهي تضحك بصوت عالٍ وتمزح مع اثنين من الأعضاء الأكبر سنًّا في فريقها خلال فترة هدوء بين فترات هطل الأمطار الشديدة، جلس الثلاثة يشاهدون العاملين الأصغر سنًّا وهم يتجنبون البرك ويتعرقون خلال روتين يومي من التمارين الرياضية في الفناء الموحل.
مع ارتفاع صوت الموسيقى الصاخبة عبر المجمع المكون من مبانٍ فردية ومزدوجة الطوابق، يتوجه دييغو، البالغ من العمر سبع سنوات والمصاب بالشلل الدماغي، إلى أعلى منحدر خرساني باتجاه غرفة العلاج. مع التواء في رسغيه، يزحف ببطء إلى أن تراه إديث.
"دييغو، يا ولدي!" تناديه السيدة البالغة من العمر 49 عامًا وهي تبتسم.
تركض إليه بفستانها الفضفاض المتطاير، تلتقطه بسرعة وتضعه على وركها. صفق لها بخفة، وضحك الاثنان قبل أن يوجها انتباههما إلى التمارين.
الدفء والمودة بين إيديث وموظفيها والأطفال في دار الأيتام يجعل المكان يبدو وكأنه عائلة كبيرة جدًّا.
بدأت رحلة إيديث واهتمامها بحقوق ذوي الإعاقة في أوغندا عام 2000 عند ولادة طفلها الأول، ديريك، في مدينة جينجا.
عندما كان عمر ديريك يومين، اصفرّ لونه وبكى بشكل متواصل. لذا أخذته إيديث وزوجها ريتشارد إلى المستشفى، حيث تم تشخيصه خطأً بأنه مصاب بالملاريا. عانى ابنهما من التشنجات، لمدة أسبوعين، وبعد استشارة طبيب آخر، تبين أن لديه مضاعفات في العمود الفقري نتيجة إصابته بالتهاب السحايا.
![Witch doctors like Robert Apedu in Soroti District provide 77 percent of health services in rural areas. They offer a more convenient alternative to health facilities and medicines found in cities [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/1-1750833851.jpg?w=770)
"عندما أكمل ثلاثة أشهر، أدركت أن ابني لا ينمو كطفل طبيعي. كان عاجزا عن التحكم في رأسه. ولديه انحناء في العمود الفقري. وكان ضعيفًا جدًّا"، تتذكر إيديث أثناء جلوسها في مكتبها الذي تزدان جدرانه بشهادات تقدير واستحقاق، وصورة للرئيس يوري موسيفيني.
بينما تنظر من النافذة إلى الملعب المليء بالأطفال، تتذكر إيديث كيف كافحت هي وريتشارد للحصول على معلومات عن حالة ابنهما، وتم نبذهما من قبل الأصدقاء والعائلة الذين كانوا خائفين منهما ومن ديريك.
"بدأنا الدخول والخروج من المستشفى إلى المنزل. المنزل، المستشفى، المنزل، المستشفى. ومع حالته، خاصة مع التشنجات، كان الناس يقولون: 'لقد أصيب بالصرع. ركبه شياطين'. وهنا تعرضت للنبذ من المجتمع"، تقول "كانوا يقولون لي: 'لقد أنجبت طفلًا تلبسته الشياطين'".
![In the village of Omalera, Robert rubs a paste of plant matter and water onto the skin of Noah Oyara, 17, who has no use of his legs and also lives with hydrocephalus. Due to negative connotations surrounding his profession, Robert refers to himself as a 'traditional healer' or 'herbalist' [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/2-1750833858.jpg?w=770)
تاريخيًّا لم يهتم أحد في أوغندا بتعميم المعرفة في المدارس التي تديرها الحكومة أو العيادات المحلية بشأن حالات الإعاقة، مما دفع العديد من الأوغنديين إلى اللجوء إلى العلاج التقليدي. وفي غياب التشخيص وشعورها بالعجز، استسلمت إيديث لضغط المجتمع وأخذت ابنها إلى معالجين تقليديين (سحرة).
"حاولت أخذه إلى أكثر من معالج. كانوا يجرحونه في جميع أنحاء جسمه، ويدهنونه بالأعشاب التي لديهم، ويغسلونه بدم الدجاج، ودم الماعز. كانوا يأخذوننا ليلًا للاستحمام بدم الدجاج، ولكن ديريك لم يتحسن" تتذكر. "كان الأمر يزداد سوءًا".
ولكن بعد ذلك شجعها زوجان مسنّان في كنيستها على العودة إلى المستشفى وقدما دعما لأسرتها. لذا عادت إيديث مع ديريك إلى المستشفى. وبعد 12 شهرًا، تم تشخيصه بإعاقة دائمة. فقد أدى التأخير الطويل في علاج التهاب السحايا إلى تلف شديد في الدماغ والشلل الدماغي، تاركًا إياه غير قادر على الكلام أو المشي أو إطعام نفسه بقية حياته.
سأعتني بالأطفال ذوي الإعاقة
في أبرشية وانيانجي، تحتضن مارغريت ناكيمبوجوي ابنها البالغ من العمر عامين علي نسيمبا قرب كشك على جانب الطريق. يعاني علي من الشلل الدماغي ويتلقى علاجه في "بيت الأمل".(الجزيرة)
في أبرشية وانيانجي، تحتضن مارغريت ناكيمبوجوي ابنها البالغ من العمر عامين علي نسيمبا قرب كشك على جانب الطريق. يعاني علي من الشلل الدماغي ويتلقى علاجه في "بيت الأمل"(الجزيرة)
على أمل مساعدة ديريك في مشكلته في الحركة، بدأت إديث حضور جلسات العلاج الطبيعي معه في المستشفى الحكومي المحلي. هناك التقت بأمهات وجدّات أخريات جلبن أطفالهن الذين يعانون من إعاقات مختلفة. صُدمت عندما رأت مدى سوء تغذية بعض هؤلاء الأطفال.
راقبت إديث التقنيات التي كان المعالجون والممرضات يستخدمونها. الممرضات علّمنها كيفية رعاية ديريك بشكل أفضل. على سبيل المثال، أرَينها كيفية هرس طعامه لكي يتمكن من ابتلاعه بسهولة أكبر. وفي الوقت نفسه، كوَّنت إديث صداقات مع النساء الأخريات اللاتي كنَّ يحضرن الجلسات، وبدأت استخدام معرفتها الجديدة في مساعدتهن بخدمات بسيطة، مثل قص أظافر أطفالهن.
"ماما، هل يمكنني المساعدة في قص هذه الأظافر؟" تتذكر سؤالهن، معلِّلةً ذلك بأن طول الأظافر قد يتسبب في إصابة الطفل.
مكافأةً لها، بدأ النساء يجلبن لها الطعام كلما أتين إلى المستشفى. "وهكذا أصبحنا أصدقاء. وبدأت زيارتهن مرة في الأسبوع"، تتحدث إديث.
وعلى الرغم من أنها كانت تشتبه في أن الإهمال كان وراء سوء حالة بعض الأطفال، فإنها صُدمت عندما زارت المنازل ورأت كيف يتم حبس بعض الأطفال في الداخل نتيجة للوصمة الاجتماعية، ونقص الدعم والتعليم، والفقر.
"كان قلبي ينفطر في كل مرة أزور جدة، فأجد هذا الطفل محبوسًا في المنزل. ظل الطفل هناك طوال اليوم"، توضح. "في تلك اللحظة، أدركت أنني سأتولى المساعدة".
![In Omalera, 17-year-old David Emwodu sits with his hands bound by a rope tied to the bunk bed he shares with his brother. David lives with an undiagnosed intellectual disability. He can become violent, especially towards his eldest brother, and when this occurs, his family tethers him to the bed [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/3-1750833916.jpg?w=770)
بداية إديث كانت مع مجموعة دعم غير رسمية في المستشفى، حيث كانت هي والأخريات اللواتي يحضرن جلسات العلاج الطبيعي يجمعن المال، حوالي 1000 شلن أوغندي (0.30 دولار)، ويقدمنه لمن يحتجن إليه أكثر بينهن. وفي الوقت نفسه، نقل المعالجون الذين يعملون مع ديريك والأطفال الآخرين هؤلاء إلى جمعية خيرية محلية. وبعد أن شاهدت الجمعية عمل إديث، عرضت عليها وظيفة لزيارة أهالي الأطفال ذوي الإعاقة لتقديم الدعم والعلاج.
لكن العمل كان دون أجر، وكان لدى إديث وريتشارد طفلان آخران إضافة إلى ديريك البالغ من العمر ثلاث سنوات، ليعتنيا بهم جميعًا معتمدين فقط على راتب واحد. سرعان ما استقالت إديث. وفي تلك الفترة، تعرضت لحادث سيارة أدى إلى إصابتها بكسر في الحبل الشوكي وإصابة مفتوحة في الرأس. "انتهى بي المطاف في المستشفى، في مستشفى جينجا، لمدة عام"، تقول.
تولى ريتشارد رعاية الأطفال، مما قلل من وقته للعمل. كان هذا الوقت صعبًا جدًّا على أسرتها وزوجها، تقول إديث، لكنها قررت الاستمرار.
"بعد ستة أشهر في المنزل، تمكنت من البدء في التخلي عن الأدوات المساعدة، وبدأت المشي"، تتذكر.
"قلت: يا ربي إذا شفيتني، سأعتني بالأطفال ذوي الإعاقة".
بينما كانت تتعافى، كانت تقضي اليوم على شرفة منزل عائلتها المستأجر، غالبًا جالسة على كرسي خشبي، لرعاية ابنها ديريك. رغبةً منها في مساعدة العائلات التي كانت قد ساعدتها قبل الحادث، طلبت إديث من ابن عمها أن يحضر الأطفال إلى منزلها. وفي غضون شهر، كانت تعتني بستة أطفال، منهم ابنها.
بعد ذلك بفترة قصيرة، ترك طفلان رضيعان على عتبة بابها. تعتقد أنهما تُركا بسبب الوصمة المرتبطة بالإعاقة وبسبب الشائعات داخل المجتمع. تقول إديث بحزن في صوتها: "كانوا يقولون... 'إنها تعتني بالأطفال المصابين بالشياطين. أعتقد أن الشياطين هي أيضًا التي تسببت في حادثها بسبب ابنها'".
ما زلت أشعر بالألم
تقول إديث إن ابنها الأول ديريك هو السبب الذي يدفعها للقتال من أجل مساعدة الأطفال ذوي الإعاقة.(الجزيرة)
تقول إديث إن ابنها الأول ديريك هو السبب الذي يدفعها للقتال من أجل مساعدة الأطفال ذوي الإعاقة.(الجزيرة)
تقول إديث إن ابنها الأول ديريك هو السبب الذي يدفعها للقتال من أجل مساعدة الأطفال ذوي الإعاقة.
عملت إديث مع زعيم القرية المحلي في محاولة للعثور على والدي الطفلين المهجورين، ولكن جهودهما باءت بالفشل.
بعد ذلك اضطرت إلى تقنين تبنيهما عن طريق تسجيل عملها كمقدّمة رعاية في منظمة مجتمعية ودار للأيتام في عام 2007. بدأت دار الأمل على شرفة منزلها، ثم في عام 2013، وبفضل دعم المانحين الدوليين، تمكنت من نقل منظمتها المتنامية -وعائلتها- إلى المجمع الواسع الذي توجد فيه اليوم.
تتذكر إديث هذه الفترة بأنها كانت فترة سعيدة لها ولابنها ديريك. كانت تأخذ ديريك في نزهات على كرسيه المتحرك خارج المجمع وتتذكر كيف كان يبتسم ببهجة للمارة. منذ ولادته كانت تشاركه السرير لمراقبته ولم تكن تبتعد عنه لفترات طويلة لأنه كان يبكي كلما غادرت الغرفة. تقول إديث إن ديريك كان "نعمة للعائلة".
في عام 2014، أثناء تربية إديث لأطفالها الأربعة إضافة إلى عدد متزايد من الأطفال في دار الأيتام، توفي ديريك بسبب توقف القلب بعد مرض قصير. كان عمره 14 عامًا.
وفاة ديريك تركت إديث في حالة من الحزن العميق. تقول بهدوء: "هذا ولدي من رحمي، دمي، طفلي. لا أستطيع حتى التعبير عن ذلك. ما زلت أشعر بالألم. أتعلم فقط كيف أعيش مع هذا الألم".
تعرضت الدار لأزمة. تقول إديث: "لقد انهارت". لكنها بمرور الوقت، راحت تفكر في كيفية السيطرة على حزنها والتركيز على عملها وتوسيعه تخليدًا لذكرى ديريك.
تقول إديث إنها تفكر فيه خلال الأوقات السعيدة، ولكن أيضًا عندما تكون الأمور صعبة. تعترف: "في الأوقات الصعبة، أشعر أنني أتمنى لو كان بجانبي".
تتذكر: "في كل مرة كنت معه، كنا نضحك. كان يجلب لي تلك الابتسامة. كلما شعرت بالتوتر، كنت أنظر إليه، فيعطيني تلك الابتسامة المشرقة". "الحب كان ذكرى سعيدة حقًّا". بسبب ديريك، تقول إديث إنها تفعل ما تفعله اليوم.
تشرح: "لا أريد لهذا [المنزل] أن يكون موجودًا فقط عندما أكون على قيد الحياة ثم عندما أغادر العالم، يختفي. أعلم أن الأطفال ذوي الإعاقة سيستمرون في الوجود".
![Joseph, 10, sits alone outside the therapy room at the Home of Hope [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/4-1750833927.jpg?w=770)
أنشأت إديث مستشفى تكريما لابنها ولجعل المنظمة مكتفية ذاتيا. يتم تمويل دار الأمل بنسبة 99 بالمئة من المانحين الدوليين، وتمكنت إديث من جمع الأموال لبناء مستشفى مجهز بالكامل للأطفال الذين يعيشون في المجمع. المستشفى أيضًا مفتوح للمجتمع المحلي.
ريتشارد، الذي يشرف على كل أعمال الصيانة، يقوم برعاية مزرعة دواجن تمد المطبخ بالبيض واللحم.
تستضيف المنظمة طلاب العلاج الطبيعي والعمل الاجتماعي من أوروبا متطوعين لتكملة عمل الموظفين الدائمين. يعمل اثنان من أبناء إديث وريتشارد أيضًا هناك: دينيس (24 عامًا) هو مدير العمليات، وفرانسيس (20 عامًا) يعمل ممرضًا.
مؤخرًا، قامت ببناء منزل في منطقة بووينجي القريبة لأولئك الذين تزيد أعمارهم على 18 عامًا بعد أن تجاوزوا السن القانونية للعيش في المجمع.
في دار الأيتام الرئيسية، يظهر الطلاء الباهت على الجدران علامات الزمن، ولكنه يواصل توفير غرف نوم دافئة ومريحة مع رسومات الحيوانات والأسرة بطابقين، وثلاث وجبات يوميًّا، وأنشطة للأطفال.
ومع ذلك، يمتد عملها إلى ما وراء الجدار المرتفع المبني من الطوب الذي يحيط بالمبنى.
الوصول إلى المجتمعات مستمر
يقدم الدكتور سام إيتشينجو المشورة للآباء الذين لديهم أطفال مصابون بإعاقات خلال برنامج توعية مجتمعي تديره منظمة "تشيريش إيكوكو أوغندا" غير الربحية. يُعتبر البرنامج عنصرًا مهمًّا في المعركة ضد وصمة العار الثقافية.(الجزيرة)
يقدم الدكتور سام إيتشينجو المشورة للآباء الذين لديهم أطفال مصابون بإعاقات خلال برنامج توعية مجتمعي تديره منظمة "تشيريش إيكوكو أوغندا" غير الربحية. يُعتبر البرنامج عنصرًا مهمًّا في المعركة ضد وصمة العار الثقافية.(الجزيرة)
بينما ينصرف الموظفون وهم يلهثون لكن بابتسامات على وجوههم بعد انتهائهم من التمارين، يقترب رجل نحيل يرتدي ملابس مرتبة من إديث. يُحيي الأطفال وهو يعبر الفناء.
بيتر أوسيري هو الساعد الأيمن لإديث. في عام 2013، أعجبت إديث باهتمامه بالتفاصيل وأخلاقيات العمل أثناء مراجعته أوراق التنظيم الخاصة بالجمعية الخيرية خلال عضويته بالمجلس المحلي، فأقنعته بالانضمام إلى فريقها. بيتر، البالغ من العمر 41 عامًا، شخص لطيف لكنه حازم، يعمل منسقًا لبرنامج "بيت الأمل" ويشرف على برامج التوعية المجتمعية.
يغطي بيتر دائرة نصف قطرها 30 كم (19 ميلا) حول جينجا، حيث يتعاون مع "نشطاء القرى" لتحديد الأطفال ذوي الإعاقة الذين يعيشون هناك وغالبًا ما يكونون مخفيين تُدعى أسرهم لحضور جلسات شهرية تقدمها مجموعة من الأخصائيين الاجتماعيين والمعالجين والممرضين، الذين لا يقدمون فقط الأدوية والعلاج إذا لزم الأمر، بل يوفرون أيضًا التعليم حول الإعاقات. الأمل هو أن ينقلوا ما تعلموه أعمق إلى مجتمعاتهم الريفية المعزولة.
مؤخرًا، قابل بيتر أوليفيا، أمّ شابة تُركت وحيدة بعدما هجرتها أسرتها وكان عليها أن تعتني بابنها المصاب بمتلازمة داون، وقد حاولت الانتحار. كما قابل موسى وهو فتى مصاب بالصرع يبلغ من العمر 16 عامًا، وبسبب نقص الحركة أصبح في وضع يشبه وضع الجنين بشكل دائم. لدى "بيت الأمل" معالجون ومستشارون يمكنهم مساعدتهما كلاهما.
![Students stare at Moses, 16, as his mother, Evelyn Mbwali, explains his story to a health worker at a local outreach clinic. Moses was brought to the clinic because his mother was worried about his lack of mobility [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/5-1750834008.jpg?w=770)
كان ذلك خلال جلسة توعية عندما اقتربت روت* البالغة من العمر 41 عامًا من بيتر طلبًا للمساعدة. روت حامل في الشهر السابع وتربي وحدها فتاتين مصابتين بالشلل الدماغي، جيسكا* (13 عامًا) ومريم* (12 عامًا). وكلهن مقيمات في قرية يسكنها عمال قصب السكر. هجر والد الفتاتين الأسرة بعد ولادة مريم، وبسبب وصمة العار المرتبطة بالإعاقات، تلقت القليل من الدعم من مجتمعها.
مثل معظم الأطفال ذوي الإعاقة، لا ترتاد الفتاتان المدرسة. تقدمان المساعدة لوالدتهما في الأعمال المنزلية، مثل غسل الملابس والعناية بمحصولهن الصغير من الذرة. عندما كانت الفتاتان صغيرتين، كانت روت تأخذهما إلى حقول قصب السكر خلال اليوم، مراقبة ابنتيها بينما تقطع وتجمع القصب. عندما كبرتا، شعرت بالراحة الكافية لتركهما وحدهما في منزلهم الصغير المبني بالطين على أطراف القرية. لكن في منتصف عام 2024، تقول روت إن جارهن البالغ من العمر 37 عامًا استدرج جيسكا إلى الحقول واغتصبها. لم تنتبه روت لوجود مشكلة حتى يوم بدأت فيه جيسكا ترفض النهوض من السرير. في العيادة المحلية، تم اختبار جيسكا للكشف عن الملاريا. جاءت النتيجة سلبية. لكن اختبار الحمل كان إيجابيًّا.
تقول روت إنها لا تعرف عدد المرات التي تم فيها اغتصاب طفلتها. لكنها علمت أن ابنتها كانت تتلقى مبالغ صغيرة من المال، 100 شلن (0.03 دولار)، بانتظام، وعندما ضغطت لمعرفة المصدر، ذكرت جيسيكا الجار. ثم أخذت جيسيكا روت إلى المكان الذي تعرضت فيه للاعتداء.
العدالة لابنتي
جيسيكا تتلقى المواساة من والدتها روت في غرفة النوم التي تشترك فيها مع أختها مريم. تعاني الفتاتان من الشلل الدماغي. جيسيكا حاليًّا حامل في الشهر السابع بعد تعرضها للاغتصاب.(الجزيرة)
جيسيكا تتلقى المواساة من والدتها روت في غرفة النوم التي تشترك فيها مع أختها مريم. تعاني الفتاتان من الشلل الدماغي. جيسيكا حاليًّا حامل في الشهر السابع بعد تعرضها للاغتصاب.(الجزيرة)
عندما واجهت روث الجار وعائلته وهددت بالذهاب إلى الشرطة، اعترف بجريمته. بعد وساطة من أحد شيوخ القرية، تم ضمان أن الأسرة ستتلقى دعمًا مستمرًّا بمجرد ولادة طفل جيسيكا، وحصلت على وعد بقطعة صابون و2 كجم (4.4 أرطال) من السكر كل شهر حتى الولادة. شعرت روت أنه ليس لديها خيار آخر، فوافقت. لكن مع نمو بطن جيسيكا، هرب المغتصب إلى خارج المقاطعة. لم تظهر قطعة الصابون ولا السكر.
"هذا ليس عدلًا بالنسبة لابنتي. أريد أن يُسجن"، تقول روث بغضب، مضيفة أنه مع مطالبتها بالعدالة، أصبح جيرانها معادين لها. "هناك الكثير من الكراهية اتجاهي الآن".
مع الإدراك اليائس بأنه قريبًا سيكون هناك فمَان إضافيان لإطعامهما، وجيسيكا أيضًا حامل في الشهر السابع، شعرت روت أنها يجب أن تتصرف. لكنها لم تعتقد أن الشرطة ستساعدها دون "تسهيلات"، أو رشا، وهو شيء لا تستطيع تحمل تكاليفه. لذلك لجأت إلى "بيت الأمل".
ولكن عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا، فإن إديث وبيتر لديهما حدود فيما يمكنهما القيام به. قام بيتر بإرشاد روت في التعامل مع السلطات المحلية، لكنه وجد العملية محبطة.
![Jesca was raped by a neighbour in these fields surrounding her home [Christopher Hopkins/Al Jazeera]](/wp-content/uploads/2025/06/6-1750834016.jpg?w=770)
"عائلة [المتهم] تعرف مكان الرجل، رغم زعمهم أنهم لا يعرفون. لكن الشرطة لم تقم بأي متابعة حتى الآن لأنهم يواصلون إخبار هؤلاء الناس، 'تأكدوا من البحث عنه وإحضاره'"، يشرح بيتر بعد اجتماع مع روت لمناقشة القضية.
ترد الشرطة على طلبات تسريع التحقيق بالقول "ليس لدينا تسهيلات. هل ستقومون بالتسهيل؟" يضيف بيتر.
في هذه الأثناء، أخبرت الشرطة روت بأنها إذا استمرت في الإلحاح على ملاحقة المتهم، فقد يتم اعتقالها بتهمة الإهمال.
لكن التمييز هو في الواقع العقبة الرئيسية أمام تحقيق العدالة لجيسيكا، يشرح بيتر. واحد من كل أربعة بالغين يعيشون مع إعاقة عقلية في أوغندا تعرضوا للإساءة الجنسية، غالبًا دون أي إجراء رسمي أو قانوني للضحية.
قام بيتر بالاتصال بمنظمة مساعدات قانونية على أمل أن يؤدي تدخلها إلى دفع الشرطة للتحرك.
تشعر إديث بالإحباط. القضية كان من المفترض أن تذهب مباشرة إلى الشرطة. لكن لأن الطفل لديه إعاقة، لا أحد يأخذ القضية بجدية، تقول.
"تواطأ المجلس المحلي [المحكمة المحلية أو شيخ القرية] مع العائلة، مع عائلة الرجل، ولم يساعد لأن هذا الطفل ماذا؟ معاق. يرون الطفل بلا فائدة"، تقول بصوت يرتفع من الغضب.
قبول قيد الاتساع
سيمون أوكوروت يحمل ابنه بول أوريبو، الذي يعيش مع الشلل الدماغي، إلى سيارة إسعاف مؤقتة يقودها فريد أليميت من مؤسسة "تشيريش إيكوكو أوغندا" الخيرية(الجزيرة)
سيمون أوكوروت يحمل ابنه بول أوريبو، الذي يعيش مع الشلل الدماغي، إلى سيارة إسعاف مؤقتة يقودها فريد أليميت من مؤسسة "تشيريش إيكوكو أوغندا" الخيرية(الجزيرة)
رغم نقص التمويل الحكومي والمساعدات، والعوائق النظامية والثقافية، فإن إديث وبيتر يشعران بالأمل بسبب التغييرات الصغيرة.
يحضر الآن أكثر من 20 شخصًا جلسات العلاج الأسبوعية ويُحضِرون أطفالهم ذوي الاحتياجات الخاصة. كما ازداد الحضور في جلسات التوعية الشهرية التي تُعقد في ثلاث مناطق فرعية. يقول بيتر إن جلستهم الأولى عام 2009 جلبت حوالي 20 شخصًا، والآن يحضر ما بين 80 و100 شخص. تعتبر جلسات العلاج والتوعية حيوية لأنها توفر لمقدمي الرعاية الأولية شبكة للتحدث مع الآخرين عن أطفالهم وتجاربهم.
تقول إديث: "في العشرين عامًا التي أدرت فيها بيت الأمل، رأيت تغييرات".
"رأيت أن الأهل بدؤوا يتقبلون أطفالهم كما هم الآن. لم يعودوا يشعرون بالخجل من إظهار أطفالهم للمجتمع. أصبحوا يأخذونهم للعلاج، يُحضِرونهم للحصول على الأدوية. لم نعد نرى أطفالًا مهجورين عند أبوابنا".
بينما تجلس على أرضية غرفة العلاج، محاطة بالأطفال العديمي الحركة، تحمل إديث طفلًا صغيرًا يعاني من الشلل الدماغي. تصب له حساء العصيدة في فمه من كوب كبير، وتمسح بلطف أي انسكابات بعناية، بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع ديريك قبل 25 عامًا.
تقول: "أريدهم أن يعيشوا بسعادة. طالما أنهم يعيشون في هذا العالم وأنا أيضًا أعيش، أريدهم أن يُعترف بهم بأنهم أيضًا بشر".
*تم تغيير الأسماء لحماية هويات الضحايا.
إعداد: كريستوفر هوكينز
المصدر: الجزيرة
0 تعليق