ترمب.. إيقاف الحرب دون وثيقة أو شروط ! - نجد الاخبارية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ما حدث قبل البارحة يدخل ضمن نوادر التأريخ السياسي وأغربها. الرئيس الأمريكي يهنئ العالم بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بينما الهجمات المتبادلة بينهما ما زالت مستمرة، وشظايا الصواريخ التي حاولت استهداف القاعدة الأمريكية في قطر ما زالت مشتعلة. تأكيد جازم من الرئيس ترمب بأن الحرب انتهت دون إعلان شروط أو توقيع وثيقة، فهل ما تحقق يوازي نشوة ترمب الكبيرة وتأكيده على أن الحرب انتهت ولن تتكرر، وأن الشرق الأوسط سيعيش في سلام، كما قال.

هناك شياطين كثيرة تكمن في التفاصيل القادمة. الدراما السريعة التي أُستخدمت لأجل إعلان إيقاف الحرب يصعب تطبيقها لضمان تثبيت واستمرار الحالة؛ لأنها ستكون هشة دون شروط وضمانات ملزمة مكتوبة، ومعلنة وموثقة. وقف إطلاق النار لا يعني سلاماً مستداماً دون الاتفاق على كل التفاصيل المتعلقة بالخلاف، والخلاف كبير جداً ليس بين إيران وإسرائيل فقط، بل أمريكا والدول الغربية، وكثير من دول العالم المتوجسة من البرنامج النووي الإيراني. وعندما يجزم الرئيس ترمب أن إيران لن تعيد بناء قدراتها النووية أبداً فإنه جزمٌ مبكر وغير دقيق؛ لأن العودة إلى المفاوضات لم تتقرر بعد، ولا كيف ستكون.

الطرفان استجابا لوقف الحرب؛ لأنها كانت ثقيلة الوطأة عليهما وإن اختلفت نسبة الخسائر، لكن كيف يمكن تفاديها مستقبلاً إذا ثبت أن قدرات إيران النووية لم يتم تدميرها نهائياً، وأنها قادرة على بنائها وتطويرها من جديد. في الحروب قد يقبل الطرف المنهك وقف الحرب لالتقاط الأنفاس وتجنب المزيد من الخسائر؛ تمهيداً لإعادة ترتيب أوضاعه واستئناف مشروعه، ومشروع إيران النووي جزء من عقيدتها السياسية، إلا إذا تخلت عن عسكرته وتحويله إلى سلمي بحت بشكل ملزم، وإذا لم يتحقق ذلك فإن المنطقة ستظل على صفيح ساخن ومعرضة لمفاجآت قد تكون أسوأ مما حدث.

وفي المقابل يصعب على الرئيس ترمب التبشير بمستقبل سلمي في الشرق الأوسط دون ضبط سلوك إسرائيل وهمجيتها، وإلزامها بالانخراط لتحقيق السلام في المنطقة والقبول بقيام الدولة الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية، وبما أقرت به الشرعية الدولية وقراراتها، لقد تم تأجيل مؤتمر حل الدولتين الذي كان مزمعاً عقده يوم 17 من هذا الشهر بسبب الحرب، ولكن قبل ذلك كان لأمريكا موقفاً سلبياً منه يشير إلى أنها تنوي إفشاله، وهذا يتناقض كلياً مع تصريحات الرئيس ترمب بأنه رجل سلام يسعى إلى إيقاف الحروب. الحرب التي قامت بين إسرائيل وإيران هي أحد أعراض مشكلة مزمنة يعاني منها الشرق الأوسط، والحل هو علاج أساس المشكلة وأسبابها، وليس أعراضها.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق