عندما يحل الصيف في ألمانيا، تتجه الأنظار عادة نحو مهرجانات معينة في ولاية بافاريا أو شواطئ بحر الشمال. لكن بعيدا عن هذه الوجهات المعتادة، تختفي تجارب فريدة تقدم للزائرين فرصة لاكتشاف طبيعة مختلفة لهذا البلد الأوروبي.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على 3 تجارب صيفية غير تقليدية في ألمانيا، تجمع بين سحر الطبيعة والتراث الثقافي الغني:

1-شواطئ برلين الداخلية

تمثل شواطئ برلين الداخلية واحات خضراء في قلب العاصمة، وهي تقع في مدينة لا تبعد سوى بضع ساعات عن أقرب ساحل بحري، قد يكون مفاجئا للزائر اكتشاف وجود أكثر من 50 بحيرة وشاطئا داخليا. هذه المساحات المائية أصبحت ملاذا للبرلينيين والسياح الباحثين عن الاسترخاء بعيدا عن صخب المدينة.

• بحيرة شلاختنسيه

تعتبر بحيرة "شلاختنسيه" (Schlachtensee) من أبرز هذه الوجهات في برلين، وهي جنة تتميز بمياهها الصافية التي تصل درجة نقاوتها إلى مستوى يسمح بشربها مباشرة في بعض الأماكن. تحيط بالبحيرة غابات كثيفة، مما يوفر ظلالا طبيعية خلال أشهر الصيف الحارة.

يقول ماركوس فيبر، أحد السكان المحليين للجزيرة نت: "نعتبر هذه البحيرة جوهرة خفية. في أيام الصيف الحارة، يمكنك أن تشعر وكأنك في منتجع استوائي".

• شاطئ بادشيف

للمهتمين بالأجواء الحضرية، يقدم شاطئ "بادشيف" (Badeschiff) في العاصمة الألمانية تجربة فريدة من نوعها. ويعتبر شاطئا صناعيا بنكهة حضرية، وأنشئ على ضفاف نهر شبري، ويجمع بين حمامات السباحة الحديثة والأجواء الاحتفالية مع موسيقى حية وغروب شمس خلاب.

معلومات للزائر

تعد الفترة من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول أفضل وقت ينصح فيه بزيارة الشواطئ، حيث تفتح معظمها في هذا التوقيت، والدخول إلى بعضها مجاني، بينما تتطلب أخرى رسوما رمزية. كما تقدم بعض المواقع أنشطة إضافية مثل اليوغا المائية والساونا.

2- مهرجان أضواء الراين

كل عام وتحديدا في شهر يوليو/تموز، تتحول ضفاف نهر الراين في مدينة كولونيا إلى لوحة فنية مضيئة، حيث ينطلق مهرجان أضواء الراين "راين إن ليتس" (Rhein in Flammen) الذي يجذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم، ويعد احتفالا تاريخيا يضيء سماء مدينة كولونيا.

إعلان

ويعود تاريخ هذا المهرجان إلى عام 1818، عندما بدأ الصيادون المحليون بإضاءة الشموع على طول النهر ضمن طقوس لجلب الحظ الجيد، وتطورت هذه العادة لتصبح أحد أهم الأحداث الثقافية في المنطقة.

عروض ضوئية

يشهد المهرجان اليوم سلسلة من العروض المذهلة، حيث تضاء أكثر من 6 آلاف شمعة تطفو على سطح النهر، وتقام عروض ألعاب نارية مصممة بتزامن مع عزف الموسيقى الكلاسيكية، وتصحب ذلك رحلات بالقوارب عند الغسق لمشاهدة الأضواء.

وعن هذا الحدث، تقول منسقة الفعاليات في المهرجان سارة مولر -في حديثها للجزيرة نت- "إنه مشهد ساحر يذكرنا بتراثنا الثقافي مع لمسة عصرية".

نصائح للزوار

وللاستمتاع باللحظات التي يقدمها المهرجان، يبقى من الضروري حجز تذاكر القوارب مسبقا علما بأن الأسعار تبدأ من 30 يورو، كذلك يعد جسر هوهينزوليرن أفضل مكان لمشاهدة المهرجان مجانيا، كما ينصح بالحضور مبكرا لقضاء أفضل تجربة.

ثالثا مزارع الكرز بفرانكونيا

في منطقة فرانكونيا الريفية في الجنوب الألماني، يتحول موسم قطف الكرز من نشاط زراعي تقليدي إلى تجربة سياحية فريدة. فخلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، تفتح عديد من المزارع أبوابها للزوار للمشاركة في عملية القطف.

تجربة تفاعلية

تقدم مزرعة "كيرشينبارت" (Kirchenbart) نموذجا لتجربة قطف الكرز، حيث يمكن للزوار تسلق الأشجار المجهزة خصيصا للقطف الآمن، وتذوق أنواع مختلفة من الكرز الطازج، وتعلم صنع المربى والعصائر التقليدية، ويقول المزارع توماس شنايدر "هدفنا ليس تجاريا فقط، بل نريد أن نربط الناس بأصول غذائهم".

اقتصاد مزدهر

أسهمت هذه المزارع في تنشيط الاقتصاد المحلي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 70% من زوار المزارع هم من العائلات، في حين تزيد مبيعات المنتجات المحلية خلال الموسم بنحو 30%، علاوة على توفر فرص عمل موسمية لأهل المنطقة.

يعد الوقت المناسب والأفضل للقطف في منتصف يوليو/تموز إلى أواخر أغسطس/آب، وتبدأ الأسعار من 5 يوروات للشخص (تشمل كمية محددة من الفاكهة)، وينصح بارتداء ملابس مريحة وقبّعات للحماية من الشمس.

إعادة اكتشاف ألمانيا

هذه الوجهات الثلاث تقدم نموذجا للسياحة البديلة التي تبحث عنها الأجيال الجديدة من المسافرين، وسواء كنت تبحث عن الاسترخاء في شواطئ برلين الداخلية، أو الانغماس في تقاليد كولونيا الضاربة في التاريخ، أو تجربة الحياة الريفية في منطقة فرانكونيا، فإن ألمانيا تثبت مرة أخرى أنها قادرة على مفاجأة زائريها.

وكما يقول كارل هوفمان، خبير السياحة المستدامة في ألمانيا، إن "السياحة الحقيقية ليست في زيارة الأماكن المشهورة فقط، بل في اكتشاف الروح الحقيقية للمكان".