السبت 21/يونيو/2025 - 10:35 ص
أضف للمفضلة
شارك شارك
في زقاقٍ صغير داخل حارة أبو سيف، بمنطقة الخليج المصري في حدائق القبة، كان صوت ماكينة الخياطة لا يغيب عن سكون الصباح من خلف باب محل متواضع، اعتاد الشاب الثلاثيني رمزي عطية مصطفى أن يبدأ يومه مبكرًا، بابتسامته الدافئة التي يعرفها أهالي المنطقة جيدًا، يركن همومه جانبًا، ويغزل خيوط رزقه بصبر ومثابرة.
"ماكنش يعرف إن رزقه هيبقى قبره".. بهذه الكلمات نعى أحد جيرانه الشاب الذي قضى تحت أنقاض عقارين انهارا فجأة، في كارثة مؤلمة اهتز لها قلب الحي.
رمزي.. "الترزي الطيب"
كان الجميع يعرفه بـ"رمزي الترزي"، ابن الـ33 عامًا، الشاب المكافح الذي تحمل مسؤولية أسرته منذ سنوات. داخل محله الصغير، حاك رمزي تفاصيل أيامه بشرفٍ وكد، يلبّي طلبات الزبائن، ويُعين جيرانه دون تردد لم تكن أحلامه كبيرة، فقط كان يريد "يعيش بالحلال"، كما وصفه أحد أصدقائه.

فجر النهاية الصادم
صباح الجمعة، 21 يونيو 2025، بدا كأي صباحٍ آخر دخل رمزي محله مبكرًا، أشعل ماكينة الخياطة، وبدأ في إصلاح قميص لأحد الزبائن لكن الهدوء الذي اعتاده لم يدم، إذ دوى صوتٌ مرعب يشق سكون المكان، وفي لحظات، غرق كل شيء في الغبار.
سقطت أجزاء ضخمة من العقارين 20 و22، أحدهما ملاصق للمحل، فانهارت الجدران على رأس رمزي، واحتُجز داخل محله تحت الركام ساعات طويلة، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وحيدًا، بلا مقاومة.
كان سابقنا للجنة
يحكي أحد سكان الحي: "رمزي ماكنش مجرد ترزي، ده كان أخ وصاحب لكل الناس، لما كانت تقع إبرة في الشارع، رمزي يلاقيها مبتسم دايمًا حتى وهو تعبان.. كلنا اتصدمنا لما عرفنا اللي حصل.. مات جوه شغله، في مكان بيحبه.
حادث انهيار العقارين خلّف ضحايا ومصابين كُثر، لكن قصة رمزي كانت الأكثر ألمًا أن يتحول باب رزق إنسان إلى نهاية مأساوية، هو مشهد يُبكي الحجر، ويطرح أسئلة كثيرة عن أوضاع الأبنية المتهالكة والإهمال الذي يحوّل المساكن والمحال إلى مقابر.
0 تعليق