يُسبب تفشي الجراد خسائر فادحة بالمحاصيل الزراعية، ويؤثر على ربع سكان العالم اليوم، ويتوقع العلماء أن الوضع سيتفاقم مع تغير المناخ، ويقترحون سبلا لمكافحة الظاهرة تدمج معارف المجتمعات المحلية والتكنولوجيا، كما في ورقة بحثية جديدة.
ويُعَد الجراد نوعا من أنواع حشرات الجنادب التي تتبع فصيلة مستقيمات الأجنحة، التي قد تتحول في ظل ظروف بيئية معينة من جراد منفرد إلى أسراب ضخمة متحركة، تستطيع قطع مسافات شاسعة، مُدمرةً المحاصيل على طول الطريق، ويوجد ما يزيد على 20 ألف نوع من الجراد في العالم.
ويصف مؤلفو البحث -الذي نُشر في مجلة "نيتشر"- الجراد الصحراوي بكونه من بين "أكثر الآفات المهاجرة تدميرا في العالم".
ويستطيع سرب واحد يتكون من عشرات الملايين أن يجوب مساحة 1200 كيلومتر مربع، ويمكن أن يحتوي الكيلومتر المربع الواحد من أسراب الجراد الصحراوي ما يصل إلى 80 مليونا من الجراد.
ويستطيع في يوم واحد استهلاك كمية من الطعام تساوي ما يستهلكه 35 ألف شخص، وهدد تفشي الجراد الصحراوي عام 2020 في شرق أفريقيا أكثر من 20 مليون شخص بخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ومن المتوقع أن يُفاقم تغير المناخ تفشي الجراد، كما كتب المؤلفون، مستشهدين بدراسات تُظهر كيف أن الأعاصير المدارية والأمطار الغزيرة وما ينتج عنها من تربة دافئة ورطبة قد تسببت في تفشي الجراد الصحراوي عدة مرات مؤخرا.
إعلان
ويضيف المؤلفون أن ظاهرة انتشار الجراد خطيرة، "ومع ذلك، لا يزال هذا الأمر غير مُدرج ضمن الأولويات في مجال المناخ". كما أن مكافحته بالمبيدات الكيميائية تطرح إشكالات بيئية وصحية كثيرة.
وحسب الدراسة، يُعدّ الكشف المبكر أمرا بالغ الأهمية في الاستجابة لتفشي الجراد والحد من الخسائر، ومع ذلك، يضيف المؤلفون أن مناطق مثل شرق أفريقيا تواجه تحديات في الكشف المبكر بسبب بُعدها وصعوبة الوصول إليها والصراعات الناشبة فيها.

أهمية الإنذار المبكر
تمتلك منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) نظام مراقبة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لرصد غزوات الجراد ومواقع تكاثره، باستخدام صور الأقمار الصناعية، وبيانات الجراد، والطقس، والبيانات البيئية من المناطق المتضررة.
وأشار البحث إلى أن التحقق من البيانات من خلال القياسات والملاحظات الأرضية لا يزال يمثل تحديا كبيرا، نظرا لتكاثر الجراد في المناطق النائية، "التي أصبح الكثير منها غير آمن لإجراء المسوحات الأرضية بشكل متزايد".
ولاستكمال إجراءات الكشف المبكر الحالية، يُدرك الباحثون الدور المهم للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، الذين طوروا ممارسات مبنية على معارف محلية راسخة منذ أجيال بشأن الصحة البيئية لأراضيهم، وأنماط الطقس، والجراد الصحراوي، بما في ذلك توقيت حدوث "عمليات الغزو"، وسلوك الأسراب.
وتشير الدراسة إلى أنه خلال تفشي الجراد بشرق أفريقيا في الفترة 2020-2021، ساهمت ملاحظات المجتمعات المحلية في المناطق النائية بنظام الإنذار المبكر لتنبيه الدول.
ويؤكد المؤلفون أن هذه المجتمعات المحلية من بين الأكثر عرضة لأزمات الجراد، ولذلك ينبغي مساعدتها من خلال تدريبها على استخدام تقنيات وتطبيقات المراسلة الفورية ومنصات جمع البيانات مثل "إيرث رنجر" (EarthRanger) و"إيلوكوست" (eLocust)، وهما أداتان رقميتان تستعملهما منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لرصد تفشي الجراد.
إعلان
وتتيح "إيلوكوست" نقل الملاحظات الميدانية في الوقت الفعلي من المناطق النائية التي تفتقر إلى تغطية الشبكة، ويضيفون أنه يمكن أيضا تعزيز هذه الخدمة والأنظمة الأخرى بالذكاء الاصطناعي، الذي يدمج المعلومات المجمعة محليا مع بيانات الأقمار الصناعية والطقس للتنبؤ بتكاثر الجراد وحركة أسرابه.
ولمكافحة أسراب الجراد، يُحذّر الباحثون من الاعتماد على الرش الجوي أو الاستخدام الشامل للمبيدات الحشرية الكيميائية. وعوضا عن ذلك، يُشددون على تكثيف استخدام المبيدات الحيوية الصديقة للبيئة والممارسات الآمنة بيئيا للحد من الأضرار أو الآثار الجانبية.
0 تعليق